صحيفة الكترونية اردنية شاملة

من سنجار الى عرسال هل تقترب داعش من الاردن؟‎

0

من استخدم عبارة “تقترب من الاردن” هو نتنياهو، الذي نشرت وسائل الاعلام ملخصاً لمقابلته مع “فوكس نيوز” الأميركية، حيث حذر من أن حدوث ذلك يعتبر خطيرا.
وأقول، هذا ما ينقص الاردن أن يدافع عن أمنه مجرم حرب مثل نتنياهو!
مع ذلك لرئيس وزراء اسرائيل دوافعه من وراء إطلاق هذا التحذير، وسط تسليط الاضواء عالميا على يديه الملوثة بدماء الفلسطينيين، وهو يريد أن يقدم نفسه للأمريكيين كمدافع عن الحرية امام داعش والقاعدة والاسلام (المتطرف) لكي يصرف الأنظار عن الفظائع ضد الانسانية التي ارتكبها في غزة. في الواقع نتنياهو وقادة اسرائيل هم المستفيدون من هذه الحرب الطائفية المنتنة في العراق وسوريا، والتي لم يعرف التاريخ العربي الحديث ما هو أشد انحطاطا وهمجية منها.
بعد كل هذا لا يزال السؤال الجوهري أمامنا: هل اقتربت داعش أو هل هي ستقترب من الاردن؟
الجواب في رأيي (نعم). وتُقدم معركة عرسال اللبنانية وكذلك المعارك حول جبل سنجار وبالقرب من أربيل ما يدفع الى مثل هذه الإجابة. في هذه المعارك الممتدة من شمال العراق الى حدود لبنان تكشف داعش – وعلى الارض – أهدافها وتطلعاتها واساليب تحركاتها وهو ما يستحق القراءة أردنيا.
فجأة فتحت داعش معركة مع اقليم كردستان وضد قوات البشمركة، رغم توقع العديد من المراقبين بأن التنظيم لن يجرؤ على ذلك، على الأقل في المرحلة الراهنة نظراً لأهمية كردستان العراق عند الولايات المتحدة (حيث يتواجد جنود أمريكيون وتعهدات امنية وأخلاقية لحماية الأكراد بدأت منذ العام ١٩٩١). وفي الوقت الذي تعمل فيه داعش على بسط سيطرتها على شمال شرق سوريا وحول حلب ودمشق، قامت بهجوم مفاجئ على بلدة عرسال اللبنانية، حيث قتلت وأسرت عشرات الجنود من الجيش اللبناني ومن الملفت أن جبهة النصرة (التي لها تواجد قوي في درعا والجولان) قد شاركت في الهجوم على عرسال، مع أنها في حالة مواجهة مع داعش في دير الزور وغيرها.
ما يحدث على الخط الممتد من سنجار إلى عرسال يفترض أن يرفع من درجة الإنذار في الاردن الى اللون البرتقالي، وإذا كانت داعش متمركزة عمليا في طريبيل فان وجودها بوسط سوريا وشرقها وجنوبها يدل على اتساع مساحة المناورة والقدرة على العمل وفق الأهداف التي تختارها، وهو ما فعلته في عرسال، حيث كشفت المعركة عن وجود الآلاف من الداعشيين في طرود القلمون السورية اللبنانية وفي مخيمات اللاجئين السوريين في عرسال.
لقد فتحت داعش معركة مكشوفة مع لبنان في منطقة شبه قاحلة وفارغة من السكان (طرود عرسال والقلمون) وكذلك فعلت في سنجار وكأنها تسعى الى اختبار رد الفعل الامريكي والدولي من خلال فتح خطوط تماس مع الأكراد ومع لبنان (يلاحظ هنا رد الفعل السعودي تجاه ما جرى في عرسال من خلال الإعلان عن تقديم مليار دولار الى الجيش اللبناني)، فتح مثل هذه المعارك الداعشية قد يهدف الى توسيع رقعة معاركها على امتداد أراضي الشام والعراق، وهو ما يستدعى اليقظة، أردنيا، تجاه كل هذه التطورات الميدانية وقراءة الجغرافيا التي يتحرك عليها التنظيم. عيون الاردن يجب ان تظل مفتوحة، ليس فقط على حدودنا الشرقية مع العراق، إنما وبشكل اكبر على حدودنا المحاذية لجنوب سوريا.
وأنا هنا لا اريد من هذا الرأي أن أثير الخوف والقلق بين الاردنيين، ولا أقلل من قدرات القوات المسلحة والأجهزة الأمنية التي تحظى بثقة الشعب، هدفي هو رؤية إجراءات على مستوى الدولة والمجتمع تدعم وتعزز مهمة الجيش المرابط في الشمال على امتداد مئات الكيلومترات، لانه في النهاية وبمواجهة اخطار من هذا النوع التي تمثلها داعش من حيث أساليبها وامتداداتها، فان الإجراءات والاحتياطات الأمنية وحدها لا تكفي، المطلوب رص صفوف الشعب وان يتحول كل مواطن الى خفير، باستنهاض الوعي الوطني تجاه الاخطار المحيطة بالبلاد وهذا ما يحتاجه كل جيش في العالم عند مواجهة التحديات على الحدود، وسأتجنب في هذا المقال تقديم الحلول والآراء فهذه مهمة الدولة ولا أقول مهمة حكومة، توحي كل تصرفاتها بأنها ليست هنا وكما يقول المثل (غايبه فيله).
[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.