صحيفة الكترونية اردنية شاملة

1914 – 2014 ما الذي تغير؟

0

تحددت خريطة المشرق العربي تقريبا في الحرب العالمية الأولى. واليوم، بعد مرور مائة سنة على الحرب ونتائجها، ماذا تغير؟
الملاحظة العامة لدي أن الخطاب العربي لم يتغير منذ ذلك التاريخ؛ إذ لم نفارق بعد الحرب العالمية الأولى، وما نزال نحاول تغيير التاريخ، ونظن أن ما يحدث هو ما كان يجب أن يحدث لو أن ما حدث لم يحدث، ونرفض أن نرى ما حدث وما يحدث. هذا الإنكار الفظيع المتراكم جعل الوهم أكثر صلابة وتماسكا من الواقع، وجعل من يرى الواقع كمن هو أعمى، ومن لا يراه مبصرا. وأسوأ من ذلك، الخلط بين الخيانة وفهم المسائل كما هي. يا عزيزي، إن كنت أرى بريطانيا وفرنسا انتصرتا علينا، فلا يعني هذا أنني أؤيدهما، ولكن الحقيقة أنهما انتصرتا وهُزمنا. وبالمناسبة، لو أننا تجنبنا تلك الحرب، لما حدث ما حدث، ولظل المشرق العربي وتركيا دولة واحدة موحدة حتى اليوم.
التاريخ مختبر، ولا يمكن ولا يجوز التعامل معه إلا على هذا الأساس. تخيل أن باحثا في المختبر يهتف غاضبا هادرا في عرض النتائج أو رفضها؛ تخيل أنه يستنكر ويشتم البكتيريا المعتدية ويتعاطف مع الفيروس المحتل.. أو يقاوم التطبيع بين الضغط والحرارة.. وعلى أي حال، فإن السؤال هو: ما الفرق بين العرب اليوم والعرب في العام 1914؟
صحيح أن دولا مستقلة تشكلت في أثناء هذه الفترة، ولكنه استقلال كرّس، وبخاصة في الحرب العالمية الثانية، الخريطة القائمة، والتي ما يزال العالم متمسكا بها كما تشكلت، بغض النظر عن مدى عدالتها ومنطقيتها. وربما تكون الخريطة التي فرضها المنتصر على المهزوم تحولت إلى رواية منشئة، تتشكل حولها رؤية وطنية جامعة للناس والدول، ولم يعد أحد راغبا في تغيير الخريطة، بل إن الدول والشعوب مستعدة للدفاع عنها والقتال لأجلها.
وليس هذا عيبا خالصا؛ فالوحدة تقوم حول رغبات وطنية وشعبية، واستعداد وقبول لدى الرأي العام والنخب السياسية. الخريطة الأوروبية على سبيل المثال، والتي تتضمن كثيرا من التقسيم الظالم والافتعال، هي أيضا نتيجة الحروب والصراعات الأوروبية. ولكن الأسواق والمصالح الاقتصادية الأوروبية الناشئة والمتحولة فيما بعد، أنشأت أنموذجا جديدا من الوحدة والتعاون. لماذا عجزت الدول العربية والمشرقية بخاصة، عن إقامة سكة حديد تربطها ببعضها بعضا، وتسهّل انتقال وتبادل السلع؟

الغد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.