صحيفة الكترونية اردنية شاملة

مؤتمر كوالمبور

0

في لحظة الغياب الوجودي والوجداني للوعي المدرك للحال والمآل يسود الخطاب المتصحر بمفرداته المتعسفة ومصطلحاته المستوردة وجفائه لحقيقة المشروع الإسلامي وغايته السامية وتبرز حالة الغلو المفتعلة باعتبارها ممثلا شرعياً ووحيدا ومحتكرا لمعنى الدين الذي أراده الله – سبحانة – رحمة للعالمين ويريد الذين عجزت عقولهم عن فهم المقاصد الشمولية والمعاني الكلية ان يقدموه وفقاً لتصورات قاصرة وعبارات عنيفة.
يسيء القوم الممتلئين حماسة واندفاعا للدين وغايته من حيث أرادوا أن يحسنوا وهم بذلك يقدمون أكبر خدمة للاعداء المتلهفين لإلصاق ما لا يليق بسمو الرسالة ونبل المشروع.
ورحم الله الذين أنعم الله عليهم فأتآهم جوامع الكلم والحكمة حيث قال البصري الحسن :” إنما الفقه رخصة من عالم ثقة وأما التشدد فيحسنه كل أحد “.
ليس هذا فحسب بل إن التجارب المتعددة تؤكد أن اكثر الجبهات إختراقا او توظيفا اكثرها تشددا وتنطعا.
الذين يضعون أنفسهم وما يمثلون في مرمى القصف الإعلامي والتشويه الفكري والغلو الديني ورهبانية ابتدعوها ما كتبها الله عليهم واصناما صنعوها وعبدوها لتقربهم الى الله زلفى فكانوا الأخسربن أعمالاً ويظنون انهم يحسنون صنعا.
الآخر الذي يتربص بنا الدوائر يحسن إختيار أهدافه وإنتقاء خصومه ويخوض معاركه بتفوق كامل ويحسم النتائج قبل ان تبدأ المعركة.
وحين يتردد العلماء وينزوي المفكرون يبرز غير المؤهلين لملء الفراغ الناشئ عن غياب الراسخين في العلم والحلم.
المجامع الفقهية لا تفي بالغرض والهيئات العلمية الرسمية لم تعد موضع ثقة الأجيال بعد ان تنافست في تطويع النصوص المقدسة وتوظيفها مدحا وتزلفا ونفاقا للحاكم ولم يستطيعوا أن يتفقوا على رؤية الاهلة التي جعلها الله مواقيتا ملزمة لأداء الحج وصوم رمضان وعيد الفطر.
السادة العلماء بعد التقدم العلمي الهائل ورصد الأقمار الصناعية واحداثيات جوجل واخواتها لا زلتم عاجزين عن رؤية الهلال فهل نثق بقدرتكم على رؤية مصالح العباد والبلاد متحررين من سطوة الحاكم المستبد وجبروته الطاغي؟.
تفادياً لإستمرار الحال انبثق الرأي وبدأ العمل على تكوين مؤتمر كوالمبور للمفكرين الإسلاميين شعوراً بالحاجة الملحة لطليعة مفكرة تقراء نواميس الكون والحياة وتستشرف المستقبل بإستبصار وإختصاص وتلتقي كل عام لتقدم إسهاماً علمياً وإسناداً فكرياً من اهل العلم والإختصاص ومشاركة في قافلة الإبداع الحضاري الذي لا ينتظر كسولا او عاجزاً.
المؤتمر ليس بديلاً لاي جهة ولا منافساً لأي هيئة فالفضاء يستوعب الجميع وفي الاعماق متسع لكل غواص وقناص والجواهر بانتظار من يحسن الصيد وكل في فلك يسبحون.
ولا بد لمستودع الإنتاج الفكري لطليعة النخب ان يعرض اجتهاده غير الملزم ويكفيه قوة الحجة وسلطان البرهان ليميط الغطاء عن جوهر الحقائق وزيف الإدعاء وبضدها تتميز المعادن فكل شيء ضده من جنسه حتى الحديد سطا عليه المبرد ولولا إشتعال النار فيما جاورت ما كاد يعرف طيب عرف العود وقذائف الحق كفيلة بإزهاق الباطل مهما استطال وتطاول في الميدان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.