صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الغلط مش على الرئيس!

0

في كلمته بملتقى القيادات الحكومية، بشر رئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور كافة مسؤولي الدولة في كلمته أن موازنة 2015 صعبة مثل سابقاتها، ولا أدري شخصيا ما الجديد الذي أراد دولته أن يوصله لآذان المسؤولين والاعلام والمواطنين من هذه العبارة.
البعض قد يفهم أن الحكومة بصدد اتخاذ جملة من الاجراءات المتعلقة برفع الضرائب والرسوم من جديد، حتى يتسنى لها تلبية نفقاتها التمويلية المتزايدة، لكن يبقى السؤال المطروح: هل بقي شيء لم ترفعه الحكومة وتريد الآن ان تفرض عليه رسوما جديدة؟
آخرون يرون ان الحكومة تمهد الراي العام بالحديث عن موازنة صعبة، وأن هناك تحديات قادمة امام الاقتصاد الاردني لكي تعمل على تبرير اقتراضها الكبير الذي اوصل المديونية الى اكثر من 25 مليار دولار، فهي اكثر حكومة اقتراضا في تاريخ الحكومات الاردنية، وبعد ايام قليلة ستحصل على قرض بكفالة امريكية بقيمة مليار دولار ليضاف الى مديونيتها المزمنة الراهنة.
لكن هناك من يرى ان الرئيس بهذا الخطاب السوداوي يوجه رسالة الى المانحين والمجتمع الدولي للالتفات للاردن، الذي يعد ثالث اكبر دولة في العالم استقبالا للاجئين، وبات لديه الان ما يزيد عن 1.35 مليون سوري فروا من بلادهم الى اراضي المملكة، تشكل كلف استضافتهم ما يزيد عن خمسة مليارات دولار، حسب دراسة اعدها الخبير الاقتصادي الدكتور خالد الوزني.
في الحقيقة ايا كانت التفسيرات التي خرجت لتوضح ابعاد حديث الرئيس، يبقى السؤال المطروح: ماذا فعلت الحكومة لتعالج اختلالات الموازنة العامة؟
الرئيس دائما ما يتحدث عن أن قرارات الحكومة، التي اتخذت على صعيد رفع اسعار المحروقات والرسوم والكهرباء، انقذت الاقتصاد من الانهيار وحمت الدينار، وانها، اي هذه الاجراءات، بداية العملية الاصلاحية والامر بحاجة الى مزيد من الاجراءات.
صحيح قد تكون قرارات الحكومة المتعلقة بالرف ساهمت بتحقيق الاستقرار النسبي للاقتصاد وفتحت باب المساعدات والاقتراض للمملكة؛ ولكن مع كل ذلك فاننا نتحدث عن نمو بحدود الـ3 بالمائة، ونتحدث عن نمو بالمديونية في فترة حكومة النسور بما يزيد عن الاربعة مليار دينار على اقل تقدير، ونتحدث عن عجز يزيد عن الملياري دينار قبل المساعدات، التي في الحقيقة هي التي انقذت الاقتصاد من نفق مظلم، نتيجة التباظؤ الاقتصادي وحالة عدم اليقين التي تسيطر على المناخ الاقتصادي، ولولا وجود هذا الكم من السوريين، الذين تنفق عليهم الكثير من الدول المانحة مئات الملايين من الدولارات، لما كان هناك نمو اساسا في الاقتصاد الاردني، حتى ضريبة المبيعات التي تتباهى الحكومة بزيادة معدلاتها فان الامر يعود بالاساس الى القوة الشرائية المدفوعة بتمويل خارجي للاجئين السوريين.
لا نستطيع ان نصف اجراءات الحكومة اقتصاديا بانها تعمل على تحفيز الاقتصاد، الامر ليس كما تدعيه الحكومة، بل هي اجراءات جبائية لتمويل عجز الموازنة، دون النظر الى تداعيات تلك القرارات، والدليل على ذلك هو ما يتحدث به الرئيس من ان وضع الموازنة صعب للغاية، والحقيقة ان “الغلط” ليس على الرئيس الذي يتحدث كما يحلو له، لكن “الغلط” على مجلس النواب الذي ترك الرئيس يدير الاقتصاد دون مساءلة او تقييم او محاسبة.

[email protected]
[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.