صحيفة الكترونية اردنية شاملة

المثقفون الفرادى مثل الجواسيس

0

كأن يقول – مثلا – دوايت أيزنهاور، إن المثقف شخص يستخدم كلمات أكثر من اللازم لقول أكثر مما يعرف، فإن هذا يبدو فيه جرعة زائدة من الجرأة على المثقفين.. المثقفون غير المهزومين أو المأزومين، الرافضون لواقع الحال في الحال، والحالّون في ضمير أمتهم وشعوبهم التي أنهكها الفقر وثقَّبها الموت من كل مكان.

أين هم، وأين كلماتهم وأوراقهم وحبرهم وظمأ أقلامهم وتعب رؤوس أصابعهم فوق مفاتيح الحواسيب،..؟

كانوا دائما يؤكدون لنا أن القيم النبيلة مؤكدة، وأن انتصار الحقيقة حق، والسياسة في المقابل تؤكد لنا أنه لا شيء مؤكد في هذا العالم سوى الموت والضرائب كما يقول بنجامين فرانكلين ويصدقه الحال.

ذهب الذين أوقدوا على ( الانتلجنسيا العربية ) ألف عام حتى نضجت، وجاء من صبَّ عليها الماء في عقود قليلة حتى بردت، فغدونا نهباً للأفكار، بلا تأمل أو نظر أو يقين. كل ما حولنا صار بلا معنى، ويبعث على الحيرة والقلق.

المشكلة الحقيقية ليست في غياب المثقفين الحقيقيين القادرين على التأمل والنظر والتنوير، بل في كونهم اليوم فرادى.. والفرادى مثل الجواسيس، متخفون في الزوايا والتكايا، نكوصيون عن أحلامهم وأشواقهم للحرية والكرامة، وخدمة قضايا الإنسان الكبرى، وليس جميعهم بالتأكيد، إذ ثمة من لا يقبل أن يبيع شرف الكلمة بملء فيه ذهباً، وثمة من باع بلا ثمن.

الأمة التي لا يشكل فيها مثقفوها جبهة واحدة ضد الموت والدمار والسجون والتعذيب والفقر والتوحش وخداع السياسة وفسادها، تموت، ولأننا مؤملون ومتفائلون أكثر من سوداوية هذا الواقع البليد، فالخير في الأمة إلى أن تقوم الساعة..

فقط نريد (جبهة عربية موحدة للمثقفين)، مناهضة للنظم المستلبة، وخيانة الأمة.

*كاتب أردني مقيم في البحرين

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.