صحيفة الكترونية اردنية شاملة

هل تشكل داعش خطرا على الأردن؟

0

نحتاج الى وقت لمعرفة حقيقة ما جرى ويجري في العراق والحقيقة التي يجب ان نبحث عنها هي : ما هوية القوى المسلحة التي اجتاحت خلال ايام بل في بضع ساعات مدن ومحافظات كبري فيما كانت قوات الجيش العراقي تولى الأدبار ؟ . هل هي قوة داعش ( الدولة الاسلامية في العراق والشام ) وحدها ام ان هذه ليست سوى واجهة ( إعلامية ) لقوى عراقية تقف منذ اعتصامات الأنبار ضد المالكي وانحيازاته الطائفية المكشوفة ؟ . الإجابة الصحيحة على هذا التساؤلات تمكننا في الاردن من تقدير حجم الاخطار التي قد تهدد امننا الوطني نتيجة هذه التطورات ، التي رسمت بين يوم وليلة خارطة كيان سياسي جديد اسمه دولة العراق والشام تمتد من الأنبار الى الرقة السورية .
والى حين معرفة الحقيقة لا يستطيع اي متابع لما حدث ان يتهرب من واقع ان داعش اصبحت قوة ميدانية على الارض واحد واجهات صراع طائفي بين سنة وشيعة يمتد من ايران الى العراق وسوريا وصولا الى لبنان . واقع ينبئ بمواجهات مفتوحة ممتدة عابرة للحدود ، وبغض النظر عما قد تأتي به من ردود وتدخلات عربية وإقليمية فاننا امام ( فتنمة ) اخرى بكل معنى الكلمة اي صراع إقليمي ديني يخلط كل الاوراق .
قرأت عناوين صحفية تقول بان داعش تهدد لبنان بعد سوريا والعراق ، فهل يصح طرح سؤال بنفس المنحى : هل هي تهدد الاردن ؟.
نستطيع كأردنيين ان نفاخر بحالة الامن والاستقرار وسط اقليم مشتعل ، ولقد سمعت مقولة يرددها كثيرون بان الاردن في حصن حصين من وباء الفتن لأسباب يعددونها: منها الثقة بقدرات الأجهزة الأمنية والعسكرية في الحفاظ على الوطن وحمايته من الاخطار . ومنها ان أسباب الصراعات في سوريا والعراق تقوم على أسس طائفية مذهبية ( شيعي سني ) وفي بلدنا لا يوجد تعدد مذهبي مثل هذا . كما ان النظام الملكي في الاردن لم يلوث يديه بدماء شعبه ولم يقم سجونا ومعتقلات تصفي الأرواح وتصادر الحريات بسبب اختلاف في السياسة او الدين وهو ما يضعف وجود حاضنة شعبية للقاعدة ، كما ان العلاقة بين الشعب وقيادته تقوم على قناعات مترسخة في عمق الوعي الجمعي للأردنيين بانه وبغض النظر عن وجود خلافات او انتقادات حول السياسات العامة تبقى مكانة الملك ليست محل خلاف ، بل يتجاوز الامر ذلك الى ترسخ الوعي الشعبي الذي يعتبر النظام الملكي رمزاً لهوية الاردن وضمانة لوحدة كيانه الوطني .
هذه المقولة تدعو الى الاطمئنان غير ان الركون اليها بعد كل ما حدث ويحدث يتعارض مع قانون الاحتمالات الذي يمثل قاعدة في السياسة والحرب كما في التجارة والاقتصاد . خاصة ونحن نعيش في منطقة تغيرت أحوالها باحداث انقلابية منذ عام ٢٠١١ ، وبصورة لم تكن تخطر على بال كل من ادعى انه عالم بالاستراتيجيات وبمسيرة التاريخ ، اوخبير ( بالبصارة) اي التنبؤ بالمستقبل … .قبل ايام فقط كانت العواصم تصدق تبجحات المالكي بانه على موعد ساعات من تخليص الفلوجة من داعش واذا بالأخيرة تطرد قواته من الموصل وتكريت وتضع ٢/٣ العراق تحت راياتها . اننا نعيش في منطقة حبلى بالمفاجاءات ، غير المتوقعة وغير المحسوبة ، واكبر خطأ يرتكبه اي سياسي الظن بان أدوات السياسة التي كانت قائمة قبل الربيع العربي لا تزال صالحة للعمل اليوم .
و بمواجهة الركون الى مقولة الامن والاستقرار ازاء توالي الأحداث الخطيرة من حولنا هناك وجهة نظر اخرى تحمل قلقاً مشروعا بالاستناد الى : ١- ان كلمة الشام في تسمية ( دولة ) الشام والعراق الاسلامية تعني جغرافياً، سوريا والأردن ولبنان وفلسطين . ٢- وفق مصادر مختلفة منها الاستخبارات الغربية ( كما نشر في وسائل الأعلام ) هناك اكثر من ألفي اردني يقاتلون في صفوف جبهة النصرة وداعش ، والوجه الاخر لهذه المعلومات يعني ان هناك في البلاد تنظيمات تسهر على إرسال الشباب الاردني الى مناطق الاشتباك . ٣- ان ما يجري في سوريا والعراق وحتى لبنان هو ( صراع هويات دينية ) لا تجمع أطرافه انتماءات وطنية او سياسية انما ولاءات مذهبية عابرة للحدود والهويات السياسية . ٤- ان عدم وجود تعدد طائفي ( سني – شيعي ) في اي بلد لا يعني غياب خطر وجود القاعدة وأخواتها فهي موجودة في الصومال ودول المغرب العربي ومالي حيث لا يوجد صراع هويات ديني.
اخيراً ، أن تشكل ( داعش ) خطرا على الاردن ام لا ؟ مسألة – باعتقادي – تستحق الوقوف عندها عند مراكز اصحاب القرار من باب واجب الحيطة والحذر الذي يغلًب افتراض تبني الإجابة بنعم . لان الاعتراف بوجود الخطر نقطة انطلاق تفرض العمل على مواجهته وعدم السماح بوقوعه . ومن تراثنا ان الخليفة معاوية ابن ابي سفيان ( وهو من دهاة العرب ) سأل عمرو بن العاص وهو من اشهر دهاة عصره فقال : فيم دهاؤك يا عمرو ؟ فأجاب ابن العاص : اذا وقع الامر احتال عليه ، ضحك معاوية وقال : اما أنا يا عمرو احتال حتى لا يقع الأمر .
[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.