صحيفة الكترونية اردنية شاملة

العراق .. عودة الى المربع الاول!!

0

اذا كان الانقلاب الذي حدث في اوكرانيا قد شغل روسيا وخفف من اندفاعها السياسي ونشاطها الدبلوماسي ، فان التطورات والمستجدات والمتغيرات المتسارعة في العراق قد تشغل الدبلوماسية الايرانية وتربك دورها السياسي الاقليمي ، لأنها معنية ببقاء النظام الحالي واستمرار حكومة المالكي في السلطة.
والثابت حتى الان ، والى ان تتضح الصورة أكثر، ان فصائل عديدة تشارك في اجتياح المواقع الامنية العراقية في محافظتي نينوى وصلاح الدين . وهذه الاحداث اعادت العراق الى المربع الاول ، وطرحت على الساحة قضية المشاركة وغياب العدالة في المحاصصة العرقية والطائفية المعتمدة منذ احتلال العراق حتى الان .
واذا اردنا الحديث عن التطورات السياسية والعسكرية في العراق اليوم ، من الواجب العودة الى الوراء ، الى لب القضية وجذورها أي الحديث عن جوهر المشكلة التي خلقها الاحتلال واورثها للنظام العراقي قبل الانسحاب ، والتي تتمثل بحل الجيش ، واجتثاث البعث ، واقصاء الاخر ، ورفض تحقيق المصالحة الوطنية على مستوى بلاد الرافدين ، اضافة الى تسليم السلطة طائفة ، واقناعها بأن لها الحق بحكم العراق تحت عنوان الاغلبية ، واشراك السلطة الجديدة في اذلال العراقيين.
الحقيقة ان ما حدث في العراق من قمع وتعذيب وانتهاك لحقوق الانسان واذلال المواطنين ، خلال فترة الاحتلال ، وفي عهد الحكومات العراقية المتعاقبة ، لا يمكن للعراقيين ان ينسوه او يتناسوه ، اضافة الى الاصرار الغبي في الانفراد بالسلطة والاستمرار في استبعاد واستعباد الاخر ، الذي قاد العراق الى هذه الاحداث ، وقد يقوده الى ما هو اسوأ ، واعني التقسيم الواقعي على الارض ، مع قناعتي بان التقسيم حاصل على ارض الواقع ولكن دون اعلان رسمي ، والا ماذا نسمي انسلاخ اقليم الشمال (كردستان ) بحكومته وبرلمانه وعلمه ولغته ونشيده وجيشه ؟!
ما يجري في العراق اليوم بالغ الخطورة ، لأنه سيقود الى تكريس التقسيم ، اضافة الى انه قد يجر الدول المتربصة الى التدخل العسكري ، وقد تكون ايران اول المعنيين بهذا الامر ، لأن الولايات المتحدة لها استراتجيتها الجديدة القائمة على عدم ارسال قواتها عبر المحيطات لخوض حروب جديدة .
ولكن رغم كل ما يحدث اليوم في العراق ، لا نستطيع التكهن حول حجم وشكل وتفاصيل الاحداث المتوقعة ، او كيف ومتى واين ستصل الامر او تحسم ، ونعرف من هم رموز وعناصر الحدث ، وما هي اهدافهم ، لأن الصورة الحقيقية لم تتكشف بعد ، وكل ما نهرفه حتى هذه اللحظة هو ان الاحداث الجارية هامة جدا وقد تخلط كل الاوراق في المنطقة بحيث يكون لها تداعياتها العربية والاقليمية والدولية ، وهذا يعني ان الابواب ستبقى مفتوحة و…مشرعة امام كل الاحتمالات الى ان تنقشع سحابة دخان البارود والحرائق ونتبين الحقائق .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.