صحيفة الكترونية اردنية شاملة

خبراء يدعون الحكومة للتخلي عن عقلية الجباية من الاتصالات

0

سلّط خبراء ومتخصصون في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، يوم أمس، الضوء على أهمية قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات للاقتصاد الوطني، وما يمكن أن يسهم به هذا القطاع في خلق قيمة مضافة عالية للاقتصاد، وفي مجال التوظيف، وخدمة القطاعات الاقتصادية الأخرى.
وأكّد الخبراء ضرورة أن تكون هنالك وقفة مراجعة والتفاتة من قبل الحكومة لهذا القطاع، والعمل على تطويره وتحفيزه لمزيد من النمو خلال المرحلة المقبلة، وسط ما يشهده القطاع من حالة إحباط نتيجة القرارات الحكومية وعدم الاستقرار التشريعي والضريبي، وهي الحالة التي قال خبراء إنها دفعت الى تراجع القطاع خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
وشدّد الخبراء على ضرورة أن تتخلى الحكومة عن عقلية “الجباية” التي يقولون إنها سيطرت على نوعية القرارات الحاسمة التي اتخذت حيال القطاع خلال السنوات الأخيرة، وأن تبدأ وقفة مراجعة للقطاع وتطوراته واتخاذ الإجراءات والقرارات الكفيلة بتحفيزه والاستثمار فيه، وضمان نموه واستدامته، لا سيما وأن هذا القطاع أصبح يسهم اليوم بنسبة تصل الى 14 % من الناتج المحلي الإجمالي.
يأتي حديث الخبراء هذا بعد أيام من زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني الى الولايات المتحدة ولقائه عددا من قيادات العالم الرقمي في العالم، عندما سلطت هذه الزيارة الضوء مجددا على قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وما يمتلكه هذا القطاع من فرص واعدة تتمثل في الكوادر البشرية المؤهلة والقادرة على تطوير برمجيات وتطبيقات تتوافق مع احتياجات الأسواق العربية والإقليمية وتلبي الطلب المتزايد عليها.
وقال وزير الاتصالات الأسبق المهندس عمر أشرف الكردي “إن قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات هو من أهم القطاعات الاقتصادية عند النظر اليه كقطاع اقتصادي قائم بحد ذاته، أو لدى النظر اليه كقطاع محفّز للقطاعات الاقتصادية الأخرى، خصوصا مع ظهور توجهات عالمية. اليوم بدأت اقتصادات عديدة الاستفادة منها؛ كالتجارة الالكترونية، الصحة الالكترونية، التعليم الالكتروني، الدفع الالكتروني، الحكومات الالكترونية والذكية وغيرها من التوجهات”.
وبناء عليه، أكد الكردي أن على الحكومات أن تلتفت لهذا القطاع وتشجعه وتنظر اليه نظرة مختلفة عن باقي القطاعات الاقتصادية، والتخلي عن “النظرة القاصرة” له ، و”عقلية الجباية” منه، عندما أصبحت “ربحية” هذا القطاع في السنوات الأخيرة سببا تذرعت فيه الحكومات في فرض مزيد الضرائب والرسوم على خدماته وشركاته لتحقيق أهداف آنية والمساهمة في سد عجز الموازنة، وعدم اتخاذ القرارات والإجراءات الكفيلة بتحفيز القطاع والاستثمار فيه.
وقال الوزير الأسبق “يجب تغيير النظرة لهذا القطاع ومعاملته برؤية طويلة المدى لضمان استدامته ونموه وإفادة القطاعات الأخرى من منتجاته والبنية التحتة التي يوفرها، فضلا عن تحفيزه لمزيد من المساهمة في مجال التوظيف ومحاربة البطالة وخدمة الاقتصاد بشكل عام”.
ويرى الكردي أن معظم الحكومات فشلت في التعامل مع هذا القطاع عندما فرضت عليه الكثير من الضرائب والرسوم على الاستخدام أو على الشركات المشغلة للخدمات، فضلا عن البطء الواضح في مجال الحكومة الالكترونية وإدماج تقنيات الاتصالات الحديثة في مجالات عديدة، عدا عن التأخر في مناهج التعليم وعدم مواءمة مخرجات التعليم في تخصصات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مع التوجهات الحديثة في القطاع، مؤكدا أهمية الوقوف لمراجعة كل هذه المحاور من قبل وزارة الاتصالات كراسم لسياسة القطاع بتعاون وتنسيق مع الجهات الحكومية الأخرى، وبشراكة حقيقية مع القطاع الخاص.
وعن قطاع الاتصالات، تحدث نائب الرئيس/ المدير التنفيذي للمالية في شركة “أورانج” رسلان ديرانية، عن معاناة القطاع خلال السنوات الأخيرة، وقال “إن القطاع ما يزال يشعر ويعاني نتيجة النهج الذي تتعامل الحكومة على أساسه معه بنظرة آنية محدودة تقوم على مبدأ الجباية وتحقيق الإيراد السريع من القطاع كونه يحقق أرباحا، وما يثبت ذلك القرارات الحكومية التي اتخذت خلال آخر ثلاث سنوات وأثقلت كاهل القطاع وبدأت تهبط بإيراداته وربحيته”.
واستعرض ديرانية خمسة أمثلة من هذه القرارات التي أثرت سلبا على القطاع الذي يعاني أصلا من تراجع إيراداته نتيجة المنافسة المحلية الشديدة، والمنافسة العالمية من تطبيقات الهواتف الذكية المجانية.
وأوضح ديرانية أن أول هذه القرارات كان زيادة الحكومة لتعرفة الكهرباء على القطاع بنسبة 150 % في العام 2012، وهو القرار الذي صدر وطبق على نحو مفاجئ ليشكل صدمة مالية للقطاع، لافتا الى أن هذا القرار خفض من أرباح شركة أورانج وحدها خلال العام الماضي بنحو 11 مليون دينار.
وأشار ديرانية الى ثاني القرارات الحكومية السلبية، وهو قرار مضاعفة الضريبة الخاصة على الخدمة الخلوية من 12 % الى 24 % والذي صدر أيضا ونفذ على نحو مفاجئ بدون استشارة القطاع بداية شهر تموز (يوليو) الماضي، ليرفع من حصة الضرائب المفروضة على الفاتورة الخلوية الى 44 %، وهي النسبة الأعلى عربيا، لخفض هذا القرار من ايرادات القطاع بحوالي 11 %.
وأضاف ديرانية “ان الأثر الكامل لهذه الضريبة سيتضح خلال العام الحالي”، مشيرا في الوقت نفسه الى قرار رفع ضريبة المبيعات على الأجهزة الخلوية من 8 % الى 16 %، وهو القرار الذي قال إنه سيحد من انتشار الأجهزة ويدفع لتوسع ظاهرة التهريب.
كما أشار الى القرار أو التوجه الثالث بسعي الحكومة لطرح عطاء لترخيص ترددات اتصالات جديدة من بينها ترددات الجيل الرابع بشكل مفتوح لإدخال مشغل رابع، بدون أي دراسة اقتصادية للأثر الذي يمكن أن يحدثه دخول مثل هذا المشغل الى السوق المحلية التي تعدها دراسات محايدة من الأعلى تنافسية في المنطقة، لتطرح الحكومة هذا العطاء وتفشل في استقطاب عروض لشركات من خارج القطاع، لتلجأ بعدها الحكومة لعرض الترددات على المشغلين القائمين.
وتطرق ديرانية أيضا الى قانون الاتصالات الجديد الذي تسعى الحكومة لإقراره خلال المرحلة المقبلة، مشيرا الى بنود كثيرة في القانون وسعت من صلاحيات الهيئة وبشكل يعزز دورها فيما وصفه بـ”الجباية” كالبند الذي يعطي الهيئة الصلاحية بفرض غرامات على الشركات اذا ما ارتكبت مخالفات وبنسبة تصل الى 5 % من الإيرادات السنوية للمشغل.
وآخر هذه القرارات، بحسب ما أضاف ديرانية، كان القرار بتجديد ترخيص ترددات الجيل الثاني لشركة “اورانج الأردن” الذي أفرز أزمة حقيقية بين الشركة والحكومة كان يمكن أن تعطي نتائج كارثية على القطاع والمستفيدين، عندما حددت الحكومة قيمة التجديد بقيمة 156 مليون دينار، وهي القيمة التي اعتبرتها الشركة ومتابعون للقطاع غير منطقية، في حين كانت ترى الحكومة أن القيمة عادلة وتعكس قيمة الترددات كمورد وطني نادر وبأنها حددت بناء على دراسة استشارية، ولتنتهي هذه الأزمة بوصول الطرفين الى حل وسط بتجديد ترخيص ترددات الشركة لفترة خمس سنوات وبقيمة 52.1 مليون دينار.
وأما في قطاع تقنية المعلومات، فقد دعا نائب رئيس جمعية “إنتاج”، الدكتور بشار حوامدة، الى ضرورة الالتفات الى هذا القطاع الذي يلعب دورا مهما في الاقتصاد لما يقدمه من قيمة مضافة عالية مقارنة بالقطاعات الاقتصادية الأخرى، وما يسهم به في مجال التوظيف، فضلا عما يقدمه من خدمات ومنتجات في خدمة القطاعات الاقتصادية الأخرى في ظل التوجه نحو الرقمية وأتمتة الأعمال.
وقال حوامدة “إن هذه الصناعة هي الوحيدة التي لا تحتاج الى تكاليف كبيرة، كونها تعتمد على الموارد البشرية المؤهلة والتي يتميز بها الأردن، ولذا يجب التركيز عليه وتحفيزه للاستفادة من الفرص المواتية فيه”، لافتا الى أن أفكارا بسيطة في هذا القطاع يمكن أن تحقق نجاحا ودعما كبيرا للاقتصاد.
وأكد أهمية عامل الاستقرار التشريعي والضريبي في تطوير القطاع ونموه وجذب الاستثمارات، مشيرا الى أن حالة عدم وضوح تخيّم على القطاع نتيجة تشريعات حكومية متغيرة دفعت عددا من الشركات خلال السنوات الثلاث الماضية للخروج من القطاع وتأسيس مراكز لها في دول أخرى؛ كالضرائب التي فرضت على الاتصالات، وقانون ضريبة الدخل، وقانون المطبوعات والنشر وتأثيره على صناعة المحتوى.
وأشار حوامدة الى أن هذا القطاع يلقى اهتماما كبيرا ودعما من جلالة الملك عبدالله الثاني، لذا فهو يستحق من الحكومة وقفة مراجعة والتفاتة لبحث كيفيات دعمه ليلعب الدور الكامل الذي يجب أن يقوم به في الاقتصاد المحلي، مؤكدا أهمية تشجيع الحكومة على الاستثمار في هذا القطاع وشركاته الريادية، ومنح مزيد من الإعفاءات، وخصوصا أن الأردن يصدر منتجات وخدمات تقنية المعلومات والبرمجيات اليوم لأكثر من 30 وجهة حول العالم.
ودعا حوامدة الى إسراع وزارة الاتصالات في طرح مشاريعها للحكومة الالكترونية لتحريك قطاع تقنية المعلومات الذي يعاني تراجعا في ايراداته المحلية، والعمل مع وزارة التعليم العالي والجامعات لتطوير المناهج المعنية بتخصصات تكنولوجيا المعلومات مع ظهور تطورات تكنولوجية جعلت بعض التقنيات القديمة تندثر وتودع المشهد الرقمي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.