صحيفة الكترونية اردنية شاملة

النسور وحصة بروناي في الفوسفات

0

استبشر الكثير خيرا بقدوم وزير المالية السابق سليمان الحافظ على رأس ادارة صندوق استثمار اموال الضمان الاجتماعي، باعتباره شخصية اعطت انطباعات اولية بأنها ستساهم بتعزيز استقلالية القرار الاستثماري للضمان، لكن مع مرور الوقت يبدو أن الضغوطات فاقت قدرة الرجل على التحمل، وبدأت تظهر مشاهدا تشير إلى أن أصابع الحكومة انسلت في عدد من قرارات الصندوق بطرق خفية لا مجال لذكرها الآن.
آخر التدخلات الحكومية هي الاوامر الشفوية التي يعطيها رئيس الوزراء الى رئيس الصندوق الحافظ بضرورة الاسراع في دراسة شراء الصندوق لأسهم حكومة بروناي في شركة مناجم الفوسفات الاردنية، والاوامر هي شفوية وليست على شكل مراسلات رسمية من خلال كتب موثقة، فالرئيس حريص على أن يتجنب كل ما من شأنه أن يثبت تورطه بالتدخل المباشر في قرار الضمان، لذلك يكتفي بمحادثات شفوية.
موضوع شراء حصة بوناي في الفوسفات من قبل الضمان لها أبعاد سلبية على العملية الاستثمارية في المملكة من عدة جوانب.
صفقة الأسهم، التي تمثل ملكية بروناي في الفوسفات وهي ما نسبته 37 في المئة من رأسمال الشركة، لن تقل قيمتها عن 400 مليون دولار على اقل تقدير، ما يعني استنفاد السيولة المالية لدى صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي، والتأثير على قدرته في توفير الاموال اللازمة للمشاريع الاخرى التي يساهم فيها او المطلوبة لتمويل المشاريع المستقبلية.
شراء حصة بروناي في الفوسفات من قبل الضمان فيه مغالطة كبيرة لمفهوم استقطاب الاستثمار الاجنبي الذي ما يزال الاردن بأمس الحاجة إليه، فمن المفترض أن تبيع بروناي حصتها الى شريك مالي او استراتيجي لا ان تبيعها للضمان.
وليس من المعقول والمنطق أن تبيع الحكومة جزءا كبيرا من حصتها في الفوسفات في العام 2006 بمبلغ 88 مليون دينار لحكومة بروناي، ثم تأتي الضمان لتشتري هذه الحصة بأربعة أضعاف ما باعته الحكومة، وبما أن الحكومة ترى في الضمان مستثمرا جيدا، فلماذا لم تبع حصتها له منذ البداية؟ وحينها ستكون وفرت مئات الملايين على الضمان.
شراء الضمان لحصة بروناي الآن وفي ظل الظروف الاقتصادية والعمالية الصعبة التي تعيشها شركة الفوسفات والاعتصامات والاحتجاجات التي ستكبد الخزينة مئات الملايين من الخسائر، يعني أن الحكومة تورط صندوق الضمان بخسائر كبيرة، ستعيد الشركة إلى النفق المظلم الذي عاشته قبل خصخصتها.
عودة الفوسفات إلى حضن الضمان يعني أن ادارة الشركة والعاملين فيها، سيتعاملون مع العملية الانتاجية والتسويقية فيها وفق عقلية الإدارة الحكومية التي شهدنا مآسيها في العقود الماضية والتي أدت الى إلحاق اكبر الخسائر في شركات التعدين.
ضغط الحكومة على إدارة صندوق استثمار اموال الضمان لشراء حصة بروناي في الفوسفات يعني ان الحكومة تهدف الى اغلاق ملفات الفساد الكبرى التي حدثت في هذه الشركة، والتي اصدر القضاء احكاما قاسية بحق رئيسها السابق وليد الكردي الفار من وجه العدالة، وأن هذا العمل يعطي انطباعا للشارع بان الحكومة متواطئة مع الكردي، وأن المرحلة المقبلة قد تشهد إغلاقا لهذا الملف.
الكرة في ملعب رئيس واعضاء مجلس ادارة صندوق استثمار اموال الضمان الاجتماعي، فأمامهم اختبار صعب، اما ان يحكّموا ضمائرهم، ويعززوا استقلال قرارهم الاستثماري، وإما ان يرضخوا لطلبات الحكومة بكافة اشكالها، حينها ستسجل سابقة خطيرة في الإذعان وتكبيد صندوق الاستثمار خسائر ستتحملها الأجيال المقبلة
[email protected]

[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.