صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الأردن كله زعتري

0

المواجهات بين قوات الدرك وبين اللاجئين السوريين في مخيم الزعتري أخذت مكانها خلال الايام الاخيرة في قائمة الأخبار المحلية والعالمية واذا كانت قوات الدرك تقوم بواجبها لإقرار الامن والنظام فوق أرض أردنية فانه يجب ان لا يحمل جميع اللاجئين السوريين وزر تصرفات بعضهم ، خاصة أهل السوابق والأجرام ومن يتوقع انهم مندسون بين صفوفهم لزعزعة الامن في البلاد .

غير أني اجد في احداث الزعتري مناسبة للحديث في موضوع ذا صلة ، بالتطرق الى ( مفاهيم وقناعات ) عن الاردن ، باتت سائدة بين القريب والبعيد حتى انها اصبحت موضوعا مشتركا بين الأردنيين مشحون بالشكوى من وضع يوحي للغريب قبل القريب بان هذا البلد تحول الى ساحة مفتوحة مستباحة مدفوعة الأجر لكل من هب ودب . وانه بالنقود يستطيع من يريد ، لاجئ او مراق طريق ان يفعل ما يشاء . ومن باب الاستدراك والتوضيح أؤكد بان الاردنيين يتعاطفون مع معاناة أشقائهم السوريين وبالمقدمة اللاجئين منهم ( لأنهم ضحايا حرب إجرامية ) ، والأردنيون يعرفون واجباتهم الدينية والقومية التي يتسابقون على تقديمها من باب الشهامة والنخوة وليس بسبب مال مزعوم يتدفق عليهم ، والواقع ان المال يتدفق من جيوبهم تحت وطأة ظروف داهمة تأكل دخولهم بغلاء فاحش لم يشهدوا له سابقة .

شو هاي البلد ؟ بهذه العبارة وغيرها من العبارات يبدأ المواطن حديثه معك وهو يشكو من غلاء الأسعار في كل شأن من شؤون حياته وأكثر ما يثير غضبه شعوره بان الوطن كله تحول الى ( زعتري ) في ظل حالة اصبحت فيها قيمة المواطن لا شئ امام قيمة الاموال والمعونات . هناك فشل حكومي واضح في حماية المواطن من التأثيرات السلبية للنزوح الكبير الى البلاد على مستويات حياته و الأهم على مشاعره وكرامته وهو يرى كيف تفسر ضيافته لأشقائه بانها مدفوعة الأجر .

الاردن مش دكانه ولا شقق مفروشة انما وطن ودولة ، وهو مهدد لان يتحول كذلك بوجود حكومة تقف عاجزة امام سلوك سفير نظام الأسد الذي جعل من نفسه مندوبا ساميا في عمان ، وامام سياسات حكومية لا تفرق بين حقوق الاردنيين وكرامتهم وكرامة بلدهم وبين ضرورات فرض الالتزام بالقانون وبأخلاق الضيافة والإقامة على كل من هو غير اردني سواء كان لاجئا او مستثمرا ، سفيرا او طالبا .

اذا كانت الدولة تجني الملايين من احتضان اللاجئين فالحقيقة ان الاردنيين يدفعون الثمن ليس فقط في طفرة الغلاء التي طالت كل شئ والتزاحم على الوظائف ومراكز العلاج والمدارس ، انما يدفعون الثمن من كرامتهم وهم يشعرون ان الآخرين يتصرفون على أساس ان هذا الوطن حيطه واطي . وكفى التبجح بقيم العروبة وغيرها من اي جهة كانت لتبرير وضع اعوج فالأردن بشعبه ونظامه قومي بالعمل وليس بالادعاءات ، ومن من ذا الذي لا يعرف كيف يعامل غير المواطن في جميع بلاد العرب ….من الشقيقة الكبرى الى الشقيقة الصغرى . رغم ما يملكون من مقدرات وإمكانيات .

ما يحدث في الزعتري او في اي مكان من تجاهل حسن الضيافة والاستهتار في خرق النظام والقانون ينطبق عليه القول ” انك تحصد ثمار ما زرعت فهذا ثمرة سياسات لا ترى إلا القرش اللي بلمع ، فيما تتجاهل الاعباء المادية التي تلقي بأثقالها على المواطن وتلك التي تسئ الى كرامته وهو يسمع من يصف بلده انه وطن من يدفع .

وأخيرا اذا كان المجتمع الدولي وفي مقدمتهم اصدقاء سوريا من العرب يعتقدون انهم بأموالهم المحدودة التي يقدمونها للاجئين قد أرضوا ضمائرهم فيما آلة الحرب التدميرية تواصل دفع السوريين الى اللجوء الى الاردن وغيره فان على الدولة ان تظهر حزما اكبر وبالتعاون مع لبنان وتركيا للضغط على العالم وبمقدمتهم موسكو وأصدقاء سوريا من اجل فرض السلام او فرض مناطق آمنه داخل سوريا لان القضية ليست مسألة شيكات ( وكفى الله المؤمنين شر القتال ) انما قضية شعب يذبح وشعوب اخرى مجاورة تدفع ثمن هذه المذبحة من أمنها واستقرارها .

[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.