صحيفة الكترونية اردنية شاملة

قانون الأحزاب يفتت النخب الوسطية

0

اكد عضو مجلس شورى جماعة الاخوان المسلمين رامي ملحم ان مشروع قانون الأحزاب السياسية لعام 2014م سيمكن– إذا ما تم إقراره- من تفتيت النخب الحزبية الوسطية وتسهيل صناعة نخب جديدة وسيقلل من التكتلات السياسية الصلبة.

وقال ملحم في قراءة خاصة له حول المشروع حصلت المقر على نسخة منها استعرض فيها التعديلات الجوهرية فيه ان الاتجاه حالياً وفق المشروع يذهب نحو فتح الفرصة لميلاد أحزاب جديدة.

واستعرض مستقبل الأحزاب الأردنية إذا ما تمّ إقرار مشروع القانون وتتمثل بان ستكون هناك فرصة لوجود حزب يتكون من المتقاعدين العسكريين

ولم يستبعد ملحم في قراءته لمستقبل الأحزاب الأردنية إذا ما تمّ إقرار مشروع القانون الجديد نشوء حزب وسطي ذي ميول فلسطينية يركز على أثر ما يحصل في فلسطين على الأردن، وأن يكون هذا الحزب قريباً من توجهات حركة فتح، للعمل كمنافس للحركة الإسلامية – المعارضة الأبرز- مع شريحة الأردنيين من أصول فلسطينية.

كما انه ستكون هناك فرصة وفق قراءة ملحم إذا ما تمّ إقرار مشروع قانون الاحزاب لتأسيس حزب وسطي لكن بتوجهات إسلامية، ويكون أكثر ديناميكية من حزب الوسط الإسلامي، بحيث يغري المختلفين مع أداء الحركة الإسلامية أو مع قيادتها، والمتحمسين للمشاركة في الانتخابات عموماً لبلورة كيان سياسي جديد.

واضاف “ولا تلوح فرصة لتأسيس أحزاب يسارية جديدة، إذ أن الساحة لا تحتمل أكثر مما هو موجود منها، والظروف المحيطة لا تشجع على مزيد منها”.

واكد ان القانون الجديد سيدفع الحكومة إلى تعديل قانون الانتخاب، ويمكن توقع أن تقترح الحكومة زيادة عدد أعضاء القائمة النسبية، وذلك لإغراء الأحزاب الكثيرة على المشاركة بقوائمها.

وتاليا نص القراءة :

قراءة في مشروع قانون الأحزاب السياسية لعام 2014م

أعدت الحكومة مشروع قانون جديد للأحزاب السياسية في الأردن، وبعد ذلك ستمضي بالإجراءات التشريعية لإقراره ليصبح قانوناً نافذاً، وتعد الحكومة أن مشروع القانون المقدم خطوة إصلاحية مهمة في دعم مسيرة التنمية السياسية في الأردن، وكانت الحراكات الإصلاحية المختلفة قد نادت بإجراء تعديلات على القوانين الناظمة للحياة السياسية في الأردن، وعلى رأسها قانوني الانتخاب والأحزاب. وهذه الورقة ستقدم قراءة حول مشروع قانون الأحزاب لعام 2014م، من خلال محاولتها الإجابة عن التساؤلات التالية:

1- ما هي أهم التعديلات التي طرأت على مشروع قانون الأحزاب لعام 2014م؟

2- ما هو الأثر المتوقع للتعديلات التي طرأت على مشروع قانون الأحزاب لعام 2014م على الحياة الحزبية في الأردن؟

3- هل يمكن اعتبار التعديلات التي طرأت على مشروع القانون ملبية لطموحات المناديين بالإصلاح؟

4- كيف يمكن روية مستقبل الأحزاب الأردنية إذا ما تمّ إقرار مشروع القانون؟

أولاً: ما هي أهم التعديلات التي طرأت على مشروع قانون الأحزاب لعام 2014م:

توجد مجموعة من التعديلات التي طرأت على المشروع المقدم، بعضها شكلي وهذا ما لن يتم التطرق له، والبعض الآخر جوهري، والذي هو موضوع الورقة، ومن أبرز التعديلات الجوهرية، ما يأتي

1- تخفيض عدد الأعضاء المؤسسين للحزب من 500 شخص إلى 150 شخصاً.

2- إلغاء شرط تمثيل المؤسسين لخمس محافظات. فيمكن أن يكون المؤسسين من محافظة واحدة، أو حتى من عشيرة واحدة.

3- إلغاء شرط نسبة النساء في التأسيس والتي كانت تبلغ 10% من مجموع المؤسسين؛ فلم يعد في المشروع شرطاً أن تكون أي نسبة للنساء كأعضاء مؤسسات للحزب.

4- تخفيض عمر العضو المؤسس لثمانية عشر عاماً، إذ كان العمر واحداً وعشرين عاماً.

5- إلغاء شرط أن يكون المؤسس مقيماً في الأردن. فيمكن أن يكون المؤسس مقيماً في أي بلد.

6- استبدال وزارة العدل بدلاً من وزارة الداخلية، كجهة يتم تشكيل فيها لجنة شؤون الأحزاب. وبالتالي أصبحت وزارة العدل هي الجهة الرئيسة في التعامل مع ملف ترخيص الأحزاب.

7- استبدال أمين عام وزارة الداخلية كعضو في لجنة شؤون الأحزاب، ووجود أمين عام وزارة العدل وأمين عام وزارة الشؤون البرلمانية والسياسية.

8- كان القانون السابق يعد طلب التأسيس ملغياً إن نقص عدد المؤسسين عن الحد الأدنى، أما المشروع الجديد فيعطي فرصة أسبوعين للمؤسسين لاستكمال العدد؛ في حال قلّ العدد عن 150 شخصاً.

9- رفع الحظر عن تمويل الأحزاب من الشخص الاعتباري سواء كان عاماً أم خاصاً. والمقصود بالشخص الاعتباري العام المؤسسات العامة، أما الشخص الاعتباري الخاص المؤسسات الخاصة كمنظمات الأعمال.

10- نص القانون على إمكانية الطعن على قرار اللجنة بشأن رفضها لتعديل القانون الأساسي للحزب أو رفضها لدمج الأحزاب أمام محكمة العدل العليا.

ثانياً: ما هو الأثر المتوقع للتعديلات التي طرأت على القانون على الحياة الحزبية في الأردن:

1- تسهيل تشكيل الأحزاب، لأن عدد المؤسسين قل إلى الثلث، ويعد عدد 150 مؤسساً رقماً بسيطاً لتأسيس حزب سياسي، كما تمتّ إزالة عوائق أن ينتمي المؤسسون إلى 5 محافظات مختلفة، وكان يتم التفصيل عند طلب الترخيص في نسب المحافظات، كما تمّت إزالة نسبة عضوية من النساء بأن يكون 10% من الأعضاء المؤسسين من النساء، وهنّ أقل انخراطاً من الرجال في العمل السياسي عموماً في الأردن، كل هذا سيعمل نظرياً على تسهيل تشكيل الأحزاب وزيادة عددها. ويمكن توقّع أن تكون الزيادة في عدد الأحزاب الوسطية، ولن نشهد تزايداً ملحوظاً في عدد الأحزاب اليسارية أو اليمينية، لعدم وجود داعي منطقي لذلك؛ إلا ما قد يغري بعض أصحاب الأيديولوجيات للانفصال عن أحزابهم وتشكيل أحزاب جديدة.

2- ستعتبر الحكومة هذا التعديل كجزء من جهودها في دعم التنمية السياسية في البلاد، وتحقيقاً لمطالب الحراك الإصلاحي، إذ أن معظم ما يحويه مشروع القانون من تعديلات جيدة، خصوصاً فيما يتعلّق بمرجعية لجنة شؤون الأحزاب لوزارة العدل وعدم وجود شكلاً أي عضوية لجهات أمنية كما كان سابقاً. ومجرد غياب وزارة الداخلية في نص القانون من أي تدخل في التشكيل فإن هذا يدفع نحو نظرة إيجابية لمشروع القانون.

3- سيمكن القانون – إذا ما تم إقراره- من تفتيت النخب الحزبية الوسطية وتسهيل صناعة نخب جديدة. وسيقلل من التكتلات السياسية الصلبة.

4- سيصبح الدعم الحكومي للأحزاب مغرياً؛ إذ أن أثر الدعم سيزيد نظراً لقلة عدد المؤسسين وبالتالي المنتسبين، خصوصاً أن أكثر الأحزاب لا يجاوز عدد منتسبيها الحد الأدنى المنصوص عليه في القانون للمؤسسين. كما أن رفع الحرج من قبول تمويلات من الشخص الاعتباري سواء كان عاماً أو خاصاً قد يفتح مجالاً لتمويل الأحزاب على نحو أوسع وبطرق قانونية، وذلك على شكل منح أو شراكات أو دعم مباشر.

5- سيظهر الأردن بمظهر ديمقراطي أفضل، لكثرة الأحزاب الوسطية لديه. لكن ذلك سيزيد من التفتيت؛ إذ سيزيد عدد الأحزاب بالنسبة لعدد السكان.

6- كثرة الأحزاب ستؤدي إلى تنافس كتل كثيرة في الانتخابات؛ إذ أن كل حزب سيسعى للمشاركة في الانتخابات، وهذا قد يدفع لزيادة نسب المشاركة في الانتخابات المختلفة.

7- سيغري القانون الأردنيين من أصول فلسطينية لتشكيل أحزاب سياسية، وقد يتم تشجيع بعضهم على ذلك، وهذا يتوافق مع رغبة النظام بإدماج أكثر لهذه الشريحة من المجتمع في العمل السياسي، كما يسعى النظام إلى صناعة رموز من أصول فلسطينية للعب أدوار مختلفة.

8- يمكن أن يتم التأثير على الأحزاب الصغيرة الجديدة مع الدعم الحكومي المباشر وغير المباشر لتشكل ركائز لدعم السياسات الرسمية. كما يمكن على أن تتبنى الأحزاب توجهات الداعمين لها من الشخصيات الاعتبارية الخاصة أيضاً

9- قد يتجه النظام لاستبدال العشائرية بأحزاب عشائرية، ويتم إنتاج ذات النهج ولكن بصورة أكثر حداثة وانفتاح، خصوصاً أننا نتحدث عن عدد قليل من المؤسسين.

10- سيدفع القانون الجديد الحكومة إلى تعديل قانون الانتخاب، ويمكن توقع أن تقترح الحكومة زيادة عدد أعضاء القائمة النسبية، وذلك لإغراء الأحزاب الكثيرة على المشاركة بقوائمها. لأنه لن يتم تحفيز الأحزاب على المشاركة بالقوائم وحصة القوائم من أعداد المجلس منخفضة، خصوصاً مع التجربة الماضية للقوائم، والتي اتسمت بسلبيات بالغة.

ثالثاً: هل يمكن اعتبار التعديلات التي طرأت على مشروع القانون ملبية لطموحات المناديين بالإصلاح؟

لا شك أن التعديلات المقترحة في المشروع أغلبها إيجابية، وفيها مساحة أفضل من الحرية للعمل السياسي، وهي تتجه للانسجام مع المعايير الديمقراطية، كما أن غياب البعد الأمني يعد تطوراً جيداً على المشروع، غير أن التعديلات مهما حملت من إيجابيات تبقى جوانب نظرية، ولا بدّ من أن يرافقها توجه حقيقي نحو تفعيل الأحزاب ودعمها وتمكينها وإتاحة الفرصة لها لتشكيل حكومات برلمانية، ولا يمكن أن يعد قانون الأحزاب داعماً للتنمية السياسية إلا إذا توفرت الجوانب التالية:

1- تشجيع الانتماء للأحزاب، إذ أن السائد هو التخويف من الأحزاب، والكف عن محاسبة من ينتمي للأحزاب المعارضة بمنعه من التعيين في الجيش والأجهزة الأمنية الوظائف الدبلوماسية وفي الجامعات وغيرها بل ومنع ذويهم والتضييق عليهم. لا بدّ من إطلاق الحريات التي تكفلها الشرائع والدستور، وأن لا يحاسب الإنسان على قناعاته الفكرية.

2- عدم المحاسبة على الانتماء الحزبي. من الجانب النظري فإن القانون الحالي ومشروع القانون المقترح كلاهما يمنع التمييز على أساس الانتماء الحزبي، إلا أن الممارسات الرسمية والأمنية بعيدة كل البعد عن الجانب النظري، ما هو مطلوب إطلاق الحريات في الانتماء الحزبي وعدم ممارسة الضغط والتدخل والمنع من التوظيف وتقديم الأعطيات للبعض.

3- تحقيق العدالة في التعامل مع الأحزاب وإعطاء فرصة عادلة للجميع، وهنا يمكن طرح مسألة التمويل الحكومي للنقاش، فليس منصفاً أن يكون الدعم واحداً لحزب لديه آلاف الأعضاء وحزب لديه بعض المئات، أو حزب لديه فروع في كل المحافظات وحزب ليس لديه إلا فرع واحد، ما أقترحه أن يكون هناك حد أدنى يستفيد منه أي حزب، ويوجد حد أعلى للدعم يتوافق مع إمكانيات الدولة، ويتم التفاوت بالدعم استناداً لمعايير مثل عدد الأعضاء، وعدد الفروع، ونسبة المرأة، وغيرها من معايير تسهم في دعم التنمية السياسية في البلد وتحقيق العدالة.ً

4- البدء بالتثقيف السياسي منذ المدرسة. بحيث يتم تربية النشء على قيم الحوار والحرية وإبداء الرأي والدفاع عن القناعات والمشاركة واتخاذ القرار والتعاون ومفهوم المواطنة والمسؤولية الاجتماعية ومحاربة الفساد وغيرها.

5- محاربة ثقافة النفاق، وهي من أسوأ الثقافات التي تسود بين الحاكم والمحكوم، لأنها تفرز الغش والخداع والتضليل، ويزيد الأمر سوءاً عندما يتم رعاية هذه الثقافة المدمرة، واعتبار أن الانتماء والولاء يعبر عنهما بالنفاق، والحالقة أن يصيب الداء النخب السياسية والثقافية والمجتمعية. وللأسف فإن هذه الثقافة مكرسة في مجتمعنا وتحتاج من الجميع إلى جهود جادة لمكافحة هذه الآفة واستبدالها بثقافة الكفاءة والإنجاز والفاعلية والعدالة والتنمية وغيرها.

6- تعديل تعريف الحزب في القانون بحيث يكون السعي للحكم وليس المشاركة فقط في العملية السياسية. وهذا التعديل ليس مقصوداً لذات التعريف فقط، بل هو يحمل اختلاف جذري في النظرة لدور الحزب وغاياته، حالياً في الأردن السعي للحكم فزاعة يمكن إطلاقها على الحراكات والأحزاب، مع أن الأصل في تشكيل الأحزاب هو طرح أيديولوجية وتقديم برامج وإقناع الناس بها؛ للوصول للحكم عبر الانتخابات.

7- البعد عن التدخل الأمني في العمل السياسي، ونحن ما زلنا نرى أن الانتخابات يتم توجيهها من الدوائر الأمنية، ويتم التدخل بها على نحو مباشر وغير مباشر، وهذا التدخل يلمسه الجميع بدرجات متفاوتة، إنها لن تكون تنمية سياسية ما لم تعطى مساحة كاملة من الحريات السياسية، وابتعاد الأجهزة الأمنية عن التدخل في العمل السياسي والتفرغ لمهماتها الأساسية.

8- تعديل قانون الانتخاب، والمطلوب إقرار قانون انتخاب توافقي عصري، والأردن ليس بدعاً من الدول، ومهما قيل عن خصوصيات البلد المحلية، فإن هذا لا يعني أن يحكم بقوانين انتخابات لا تنسجم مع الممارسات العالمية المعروفة، ويجب أن يتحرر أصحاب القرار من هاجس سيطرة جهة سياسية على القرار السياسي في البلد؛ فالقوى السياسية على درجة من النضج كافية، والأردنيون من أكثر شعوب العالم تعلماً ولا ينقصهم الوعي لاختيار الأنسب لهم.

رابعاً: كيف يمكن روية مستقبل الأحزاب الأردنية إذا ما تمّ إقرار مشروع القانون؟

1- كثرة الأحزاب يختلف مع رغبة الملك والتي عبر عنها مراراً ، والمتمثلة بوجود ثلاثة أحزاب كبيرة في الأردن واحد يساري وآخر وسطي وثالث يميني، وأن تقوم الحكومة بتقديم مشروع قانون ستكون مخرجاته باتجاه يختلف تماماً عن رغبة الملك المعلنة، ويبدو أن هذه الرغبة الملكية يصعب تحقيقها حالياً ضمن الواقع الحزبي القائم وعلى ضوء ما تشهده المنطقة من تطورات، فيمكن قراءة بأن الاتجاه حالياً نحو فتح الفرصة لميلاد أحزاب جديدة، ويمكن بعد ذلك ضم الأحزاب على قاعدة” الازدحام يعيق الحركة”.

2- ستكون هناك فرصة لوجود حزب يتكون من المتقاعدين العسكريين، حيث أن مشروع الحزب موجود، وتم السعي سابقاً لتأسيسه إلا أن الشروط السابقة والتدخلات لإعاقة تحقيقها حال دون النجاح في التأسيس.

3- يمكن توقع نشوء حزب وسطي ذي ميول فلسطينية ويركز على أثر ما يحصل في فلسطين على الأردن، وأن يكون هذا الحزب قريباً من توجهات حركة فتح، للعمل كمنافس للحركة الإسلامية – المعارضة الأبرز- مع شريحة الأردنيين من أصول فلسطينية.

4- ستكون هناك فرصة لتأسيس حزب وسطي لكن بتوجهات إسلامية، ويكون أكثر ديناميكية من حزب الوسط الإسلامي، بحيث يغري المختلفين مع أداء الحركة الإسلامية أو مع قيادتها، والمتحمسين للمشاركة في الانتخابات عموماً لبلورة كيان سياسي جديد.

5- لا تلوح فرصة لتأسيس أحزاب يسارية جديدة، إذ أن الساحة لا تحتمل أكثر مما هو موجود منها، والظروف المحيطة لا تشجع على مزيد منها.

رامي ملحم

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.