صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الاشتباك الخليجي يهدّد بخلط الأوراق

0

بالنسبة الى مراقبين ديبلوماسيين كثر شكل انفجار الازمة في مجلس التعاون الخليجي الذي تمثل في سحب كل من المملكة العربية السعودية والبحرين والامارات العربية الاسبوع الماضي سفرائها من قطر في خطوة غير معهودة وغير مسبوقة مشهدا في غاية السلبية استناداً الى ان هذا المجلس بقي، حتى الامس القريب وعلى رغم انطلاق الثورات العربية في عدد من البلدان المهددة بدورها استقرار دول مجلس التعاون وربما ايضاً نوعية الحكم فيها وطبيعته، متماسكاً في الحد الادنى بحيث يشكل مرجعية ما للمساعدة في ما أصاب ويصيب سائر البلدان الاخرى وفق ما بدا خلال الاعوام الثلاثة الماضية. ومع ان هزات عدة اصابت المجلس خصوصاً في الأشهر الاخيرة كان اكثرها حدة لعب سلطنة عمان دوراً في المفاوضات السرية بين الولايات المتحدة وايران من دون علم دول المجلس ما فتح الباب امام اتفاق الدول الغربية مع ايران مبدئياً على ملفها النووي ثم في اختلاف المواقف بين المملكة السعودية وقطر من الانقلاب على حكم الاخوان المسلمين في مصر، فإن تماسك مجلس التعاون على هشاشته واستعار الخلاف بين اعضائه والذي تفاوتت نسبته بين مرحلة واخرى من مراحل الثورات العربية، استمر يقوم مقام النواة الصلبة لجامعة الدول العربية التي لا تزال قائمة شكلاً على رغم ضعفها بحيث تبقى مظلة مبدئية لا غنى عنها للدول العربية والمجتمع الدولي على حد سواء. ولكن ليس واضحاً تماماً كيفية صمود القمة العربية واحتمالات حصولها في 25 و26 الجاري في الكويت في ظل المعطيات الراهنة، علماً انها ليست التحدي الوحيد الابرز المطروح امام مجلس التعاون في المدى القريب جداً. بل تشكل ايضا زيارة الرئيس الاميركي باراك اوباما المرتقبة الى المملكة السعودية احد ابرز التحديات الاخرى خصوصا في ظل معطيات تحدثت عن لقائه دول مجلس التعاون في أثناء هذه الزيارة وتوجهه الى هذه الدول برسائل تتناول بعض الهواجس التي تقض راحة هذه الدول مجتمعة في ما خص امن الخليج وأفق التعاون والعلاقات على خلفية الاتفاق الغربي الايراني المفترض حول ملف ايران النووي في ظل حاجة الى ان يشكل مجلس التعاون رافعة حقيقية وضرورية لمنحى او توجه سياسي معين في المنطقة تحتم عليه التطورات ان يكون موحداً حول أهداف واحدة وليس متمايزا جداً او متباعداً. وبعيداً من البحث التفصيلي في اسباب الخلافات التي ادت الى سحب السفراء من قطر والتي تسهب في تداولها وشرحها الوسائل الاعلامية في الدول المعنية، فإن هذا المشهد يزيد الخشية من باب امتداد التطورات في المنطقة وتداعياتها على دول مجلس التعاون، علما انه وبالنسبة الى المراقبين المعنيين لا يمكن اعتبار ان هذه الدول كانت بعيدة فعلا عما يحصل من خلال التطورات التي شهدتها البحرين واليمن وما وصل الى ابواب الاردن والمغرب وصولاً الى مصر. وقد شكلت الاجراءات التي اتخذتها المملكة العربية السعودية قبل ايام في شأن ادراج جماعات وتنظيمات على قائمة الارهاب جزءاً من هذه التداعيات ولكنها ايضا شكلت جزءاً من الصراع الذي تفجر بين دول مجلس التعاون من خلال ادراج تنظيمات كالاخوان المسلمين التي يتردد دعمها من قطر، كتنظيمات ارهابية.

ثمة ترقب في بيروت على الأقل، ولعله كذلك ايضا بالنسبة الى سائر الدول العربية التي غالبيتها على تماس شديد ومتعدد مع دول مجلس التعاون، لمآل الاشتباك او الكباش الديبلوماسي السعودي – القطري خصوصا ان لكل من المملكة وقطر حضورها السياسي ونفوذها وشبكة علاقاتها وحتى امتلاكها مدى واسعا للمساعدات التي يقدمها البلدان. وكذلك ثمة رغبة قوية في الحذر ازاء ابداء اي موقف قد يشتمّ منه اي اصطفاف على أمل الا يطول الخلاف فيحتم انحيازاً موضوعياً او قسرياً في مرحلة ما في ظل تعليق آمال كبيرة على وساطات يعول عليها ان تنجح قريبا جدا وقبل موعد القمة العربية. الا ان ما يخشاه المراقبون الديبلوماسيون المعنيون الا يؤثر الصدع الذي اصاب مجلس التعاون الخليجي على اكتمال المشهد العربي تفككا وانهياراً وضعفاً فحسب، بل ان يساهم ذلك في تردد اصداء تداعيات هذا الصدع في ارجاء المنطقة ودولها في ظل علاقات متشابكة ومصالح متضاربة وتنافس شديد فضلا عن هشاشة باتت ضاغطة في اوضاع دول عربية عدة على نحو يثير تساؤلات اذا كان اشتداد الصراع وعدم رأبه يمكن ان يؤدي الى خلط اوراق جديدا في المنطقة ، او على الاقل الى محاولة النفاذ اقليمياً ودولياً الى الخلافات العربية الجديدة. اذ يعود الى الاذهان ما روجه النظام السوري قبل بضعة اسابيع من عودة الاتصالات القطرية معه عبر قنوات سرية على رغم ان قطر كانت جنباً الى جنب المملكة السعودية الشهر الماضي في الحض على موقف من الامم المتحدة ازاء الازمة الانسانية في سوريا علما ان نموذج ما حصل من خلاف حول مصر ما زال قائما ويشكل سبباً مباشراً في الاشباك الديبلوماسي السعودي القطري الاخير، مما لا يستبعد محاولة النظام السوري وداعميه محاولة الاستفادة من هذا الصدع العربي وتوظيفه في خانة ما يصب في مصالحه. كما لفت المراقبين المعنيين ابراز وسائل اعلام ايرانية اتصالات قطرية عمانية الاسبوع الماضي ادرجتها هذه الوسائل في اطار العمل من اجل الالتقاء على موقف موحد في مواجهة المملكة السعودية.

النهار

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.