صحيفة الكترونية اردنية شاملة

دراسة: الوصول للمعلومة يضمن المساءلة

0

صدرت أخيرا دراسة دولية بعنوان “استكشاف دور المجتمع المدني في صياغة وتبني قوانين الوصول إلى المعلومات: حالات بلغاريا والهند والمكسيك وجنوب أفريقيا والمملكة المتحدة”.

ومول هذه الدراسة برنامج الإعلام والمعلومات وإدارة الحكم في البنك الدولي، وذلك ضمن سلسلة أوراق العمل حول الوصول إلى المعلومات.

وبدأت الدراسة أوراقها بالاشارة الى أن قوانين الوصول إلى المعلومات بمقدورها ضمان المزيد من الشفافية والمساءلة وهما دعامتي الحكم الرشيد.

وقالت الدراسة التي جاءت في ٥٦ صفحة من القطع الكبير: إن هذا بدوره يعتبر عنصراً أساسياً في الحد من الفقر وتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية.

واضافت أن أحد المعوقات الأساسية التي تحول دون تحقيق الحكم الرشيد هو التباين في المعلومات بين المسؤولين العموميين والجمهور.

وتعتبر قوانين الوصول إلى المعلومات وسيلة رئيسية لتصحيح هذا التباين.

وشهدت السنوات الأخيرة تبني العديد من البلدان مثل هذه القوانين، وقامت جماعات المجتمع المدني بأدوار متنوعة لتحقيق هذا التغيير التشريعي.

ونوهت الدراسة الى أن الهدف من هذه الدراسة بحث الدور الذي قام به المجتمع المدني في تشجيع وتأمين تشريع الوصول إلى المعلومات والمساعدة في تطبيقه.

ودار محور تركيز الدراسة حول فهم خلفية التي وراء حملات المطالبة بالوصول إلى المعلومات في خمسة بلدان هي بلغاريا والهند والمكسيك وجنوب أفريقيا والمملكة المتحدة.

وفي كل حالة، سعت الدراسة إلى فهم الدور الذي قام به المجتمع المدني بالتعاون مع الأطراف الاجتماعية الأخرى.

وقد كان لذلك جانب مزدوج: الاجابة أسئلة من قبيل: إلى أي مدى قام المجتمع المدني بتشكيل السياق الذي في إطاره تم النظر في هذا القانون: وهل قام بدور في توليد مطلب جماهيري من أجل هذا التغيير؟ وإلى أي مدى أ ّثر المجتمع المدني في عملية الصياغة نفسها، وفي نوعية التشريع الذي تمت الموافقة عليه.

وتوقفت الدراسة عند التفاعل بين المجتمع المدني والمسؤولين العموميين. وقالت انه ما يعتبر ديناميكية مهمة في تمرير أي تشريع. كما تنظر الدراسة بعين الاعتبار إلى الأدوار المختلفة التي قامت بها جماعات المجتمع المدني في المساعدة على تطبيق هذا القانون بعد تمريره.

وبينت تجارب بلدان مختلفة أنه بمقدور المجتمع المدني أن يقوم بعدد من الأدوار المهمة في الترويج لحق الوصول إلى المعلومات.

وقالت: بإمكان جماعات المجتمع المدني تعبئة الضغط من الشرائح الأدنى للإسهام في صياغة هذا التشريع وتشجيع تمريره مع تكوين تحالفات، في الوقت نفسه، مع هذه الشرائح البيروقراطية التي تريد إحداث تغيير. كما يمكن أن تكون هذه الجماعات مصدرا ً للخبرات المستقلة أو المساعدة القانونية القادرة على إسداء المشورة للمسؤولين العموميين بشأن مختلف جوانب القانون. وتستطيع جماعات المجتمع المدني تشجيع هذا القانون من خلال شرح مزاياه لعموم الجماهير والمسؤولين العموميين. كما يمكن أن تكون هذه الجماعات بمثابة قنوات لتبادل المعلومات والمعارف، ومورداً مهماً للتدريب، ومعينا للأفكار الجديدة، إضافة إلى قدرتها على استفادة الدروس من بلدان أخرى وتطبيقها على الموقف.

ونوهت الى أن دور القطاع الخاص في تمرير قوانين الوصول إلى المعلومات، بخلاف المؤسسات الإعلامية الأخرى، كان نصيبه من الاهتمام أقل نسبياً.

وقالت: قد تكون هناك حاجة إلى إجراء المزيد من الأبحاث لتحديد هل كان للقطاع الخاص أي أثر على هذه العملية.

واشارت الى الحاجة لتقييم أكثر قوة وصرامة لأثر البرامج التي تساند جهود المجتمع المدني الرامية إلى تحسين سبل الوصول إلى المعلومات. وسيتطلب ذلك التزاماً من المانحين ومن المجتمع المدني نفسه.

وحللت الدراسة إسهام المجتمع المدني في تمرير قوانين الوصول إلى المعلومات في خمسة بلدان هي: بلغاريا والهند والمكسيك وجنوب أفريقيا والمملكة المتحدة.

وقالت كان لانخراط المجتمع المدني على هذه العملية عدة طرق من خلال المناداة بالإصلاح التشريعي لقانون حق الوصول إلى المعلومات؛ وبناء مساندة شعبية لحق الوصول إلى المعلومات والمساعدة في تهيئة وتركيز الطلب على المعلومات؛ والمشاركة في خطوات صياغة ووضع التشريعات وبناء جماعات ضغط من أجل هذه الخطوات التشريعية؛ ومساعدة المواطنين على فهم حق الوصول إلى المعلومات وكيفية استخدام الحقوق القانونية للوصول إلى المعلومات؛ وتدريب المسؤولين العموميين على التعامل مع طلبات الحصول على المعلومات؛ وتشجيع الوعي بأفضل السياسات على المستويين الوطني والدولي؛ ورصد تطبيق قوانين الوصول إلى المعلومات؛ ومساعدة المواطنين على استخدام الحقوق القانونية للوصول إلى المعلومات لتحقيق أهداف اجتماعية أوسع نطاقاً.

حق الحصول على المعلومات في بلغاريا

وقالت: تشكل البلدان المعنية أمثلة متباينة. فقد نشأت حركة الحق في الوصول إلى المعلومات في بلغاريا من شواغل بيئية ورفضاً لثقافة السرية بعد الحقبة الشيوعية. وركزت هذه الحركة على حملة واحدة يقودها برنامج الوصول إلى المعلومات الذي لا يزالا مروجاً دولياً نشطاً ومهماً لأنظمة الوصول إلى المعلومات. وفي الهند، تطورت الحملات الشعبية المناهضة للفساد ــ التي تستهدف تحسين مستوى الفقراء في المناطق الريفية ــ بوتيرة سريعة إلى حملة واسعة الانتشار وفعالة تنادي بحق الوصول إلى المعلومات. ومع ذلك، تقول الدراسة، إنها تتفادى التركيز على بناء منظمة واحدة رسمية. وفي المكسيك انخرطت جماعة نخبوية تسمى أوكساكا جروب (Oaxaca Group) تمثل طيفاً واسعاً من الاهتمامات في تخطيط وصياغة قانون الوصول إلى المعلومات وممارسة ضغوط لإصداره. وبمقارنتها مع التجارب الأخرى، كان ذلك بمثابة مشاركة رفيعة المستوى من جماعة رفيعة المستوى في العملية السياسية. وفي نهاية المطاف تم حل الجماعة بمجرد تمرير القانون، وحلت محلها منظمة غير حكومية تم تأسيسها بصور رسمية أكبر. وفي جنوب أفريقيا، نشأت حملة من تحالف لمنظمات غير حكومية في إطار حركة أوسع نطاقاً تدعو لتغيير دستوري بعد زوال نظام الفصل العنصري.

بريطانيا وحق الحصول على المعلومات

اما في المملكة المتحدة، فتقول الدراسة منظمة غير حكومية متخصصة تصدرت الحملة حيث استفادت هذه المنظمة نفسها من حركة أوسع نطاقاً تدعو لإصلاح دستوري. وقد حافظت هذه الحركة على سمتها المتميزة وواصلت قيادة البعد الخاص بالمجتمع المدني في العمل المعني بالوصول إلى المعلومات عقب تمرير التشريع الخاص بذلك.

وقالت: هناك تجارب متباينة، حيث تعكس كل تجربة الديناميكيات الخاصة لكل من المجتمعات موضوع البحث. ولا توجد قواعد محددة بشأن أي إستراتيجية هي الأكثر فعالية. وحسب السياق، فإن أي نموذج ــ بدءا ً من منظمة غير حكومية منفردة ومتفرغة لهذا العمل مرورا ً بتحالف واسع النطاق إلى جماعة نخبوية من المحامين والأكاديميين ــ قد يكون المزيج الأكثر فعالية. أما العبرة فهي أن تتفهم جماعات المجتمع المدني عملية التغيير في السياق الخاص بها لا سيما حوافز التغيير: ما السبب الذي يدعو الحكومات التقليدية المتحفظة والبيروقراطية إلى تبني الانفتاح؟ وفي بعض المناسبات، حدث ذلك في لحظة شهدت تغيرات اجتماعية أو سياسية أوسع نطاقاً عند انتقال السلطة، وظهور قيادات سياسية جديدة منفتحة ومقتنعة بالانفتاح. وفي لحظات أخرى، كان هناك شعور متنام بعدم الثقة في الساسة، أما السبيل لإعادة بناء هذه الثقة فهو المزيد من الشفافية. وينبغي أن تتحلى جماعات المجتمع المدني بالحرص وعدم المبالغة فيما يمكن أن تقدمه قوانين الوصول إلى المعلومات، إذ أن هناك خطر ينطوي على خلق تصور مفاده أن قوانين الوصول إلى المعلومات ستكون الترياق الشافي لأمراض المجتمع. والحقيقة أن هذه القوانين ليست غاية في حد ذاتها. أما الدور الذي ربما يكون الأكثر أهمية والذي يمكن أن يقوم به المجتمع المدني فهو شرح القيمة العملية للوصول إلى المعلومات.

واستخلصت الدراسة ما قالت انها بعض الدروس الأساسية من دراسات الحالة ــ باستعراض مجموعة من الأساليب التي من خلالها يستطيع المجتمع المدني الإسهام في تشجيع نظام الوصول إلى المعلومات بدءا ً من الشروع في حملة تنادي بذلك وحتى تطبيق ذلك النظام.

تحالفات مختلفة

واكدت بان المجتمع المدني يتباين بصورة كبيرة للغاية.

وقالت هناك تحالفات مختلفة تمثل اهتمامات مختلفة وأحياناً متنافسة. وكل تحالف بحاجة إلى تقييم فعاليته بصورة منفصلة. من الممكن إشراك المجتمع المدني في جميع جوانب الحملة المنادية بتشريع الوصول إلى المعلومات، وذلك على الرغم من وجود فرص ومداخل مختلفة من أجل المشاركة حسب السياق المحلي. يقوم المجتمع المدني بدور مهم للغاية في مساءلة الحكومة عن التنفيذ الفعال للقانون ومراقبته.

وتوقعت ان يكون المجتمع المدني في الغالب اللاعب الرئيسي على جانب “بناء المطالب” في معادلة المعلومات، مما يساعد على زيادة الوعي الجماهيري، ويشدد على أهمية ممارسة هذا الحق. سيكون للتاريخ السياسي الفريد لكل بلد والعلاقة التاريخية بين المجتمع المدني والحكومة مع السمات الاجتماعية والاقتصادية لهذا البلد أثر مهم على قدرة المجتمع المدني على الانخراط بفاعلية في أي حملة ناجحة.

وقالت ان جماعات المجتمع المدني تتمتع بمجموعة متنوعة من التجارب مع شركاء دوليين (تضم مانحين)، حيث اختار بعضهم تفادي المساندة المؤسسية بينما قام آخرون بتبني هذه المساندة. بالرغم من أن وسائل الإعلام تمثل أحد أصحاب المصالح الرئيسيين داخل المجتمع المدني.

وقالت إنها تستجيب للحملات المنادية بالوصول إلى المعلومات بأساليب مختلفة. وسواء كان المجتمع المدني يتمتع أو لا يتمتع بالقدرة على إجراء الأبحاث وتحديد الاحتياجات المعلوماتية، فإن رضا الجماهير ــ أو عدمه ــ يمثل عنصراً بالغ الأهمية في تحديد هل سيكون المجتمع المدني شريكاً أساسياً أم لا.

المجتمع المحلي

اكدت الدراسة بان للمجتمع المدني أثراً هائلاً على تدابير تشجيع الوصول إلى المعلومات، سواء كخبراء أو مبتكرين أو عناصر حشد وتعبئة، أو مصدر للمشورة والمساندة.

وقالت ما وصفته بمثال خاص بقانون الوصول إلى المعلومات لم يكن للمجتمع المدني دور فيه.

واضافت في 2002، قدمت زيمبابوي قانوناً للوصول إلى المعلومات والخصوصية. وعلى الرغم من أن هذا القانون تضمن أحكاماً تنص على الوصول إلى المعلومات، إلا إنه أُحيط بإعفاءات وقيود جعلت أثره بلا جدوى.51 والحقيقة أن أغلب أحكام هذا القانون تضمنت قيودا ً على حرية الصحافة؛ الأمر الذي لم يكن ليمر لو كان هناك انخراط من جانب المجتمع المدني في هذه العملية.

وإذا أردنا أن نتفهم الدور المحتمل للمجتمع المدني، علينا أن نحلل الفرص المتاحة من خلال تغيير البيئة السياسية أو البيئة الاجتماعية الاقتصادية.

وتوقعت أن لا يكون المجتمع المدني في حد ذاته قادرا ً على ضمان تمرير الوصول إلى المعلومات في مواجهة حكومة معادية، وشعب غير مكترث. فلابد من وجود بيئة أوسع نطاقاً لإحداث التغيير المنشود.

وقالت: بمقدور المجتمع المدني مساءلة الحكومة للوفاء بوعودها بشأن الوصول إلى المعلومات، والدفع بقوة نحو إصدار التشريع الخاص بذلك، كما كان الحال في المملكة المتحدة.

واكدت ان زيادة الوعي الجماهيري بشأن أهمية المعلومات العامة كانت أسلوبا مهما للغاية استخدمه المجتمع المدني تحقيقاً لهذا الهدف.

وقالت بالنسبة لمعظم الناس، لا توجد أهمية جوهرية لإجراءات الحصول على المعلومات ــ فالناس معنية بالنواتج، وليس بالإجراءات. وهم يريدون ناتج طلب المعلومات دون أن يشغلوا أنفسهم بسبل تحقيق ذلك. ونتيجة لهذا، ليس لدى الموطنين أفكار كثيرة بشأن كيفية الحصول على المعلومات من الجهات العامة. وتتعقد هذه المشكلة إن لم يكن هناك قانون محدد يضمن الوصول إلى المعلومات لأن ذلك قد يجعل المسؤولين العموميين غير مكترثين بحاجة المواطنين إلى المعلومات.

واضافت الدراسة، إن الأنظمة الداخلية للمعلومات مصممة بحيث تكون غير متاحة للجماهير أو حتى لمسؤولين عموميين آخرين. وفي ظل هذا المناخ، من الممكن أن تحدد الأبحاث التفصيلية التي تقوم بها جماعات المجتمع المدني هذه النوعية من المشكلات كما حدث في بلغاريا، ومن ثم المساعدة في تهيئة ظروف مواتية لتمرير قانون ما.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.