صحيفة الكترونية اردنية شاملة

لما لا تشكلوا احزاباً… بدل ان تخونوا بعضكم بعضاً؟!

0

الاحزاب السياسية هي ارقى اشكال المشاركة التي يمارسها بنو البشر على وجه الكرة الارضية، وهي المخرج الحقيقي لمن يتبنى فكرة او افكاراً، ومن يدافع عن قضية او قضايا.

وفي الاردن، نجد اقطاباً سياسية وعشائرية تعمل ليل نهار كي تدفع الامور نحو ما تظن انه صحيح، ولكنها تفعل ذلك بشكل فردي ينم عن انانية في التعاطي مع الشأن العام، ودون تنظيم حقيقي، وهي تتوقع من الجماهير ان تلحق بها وتتبنى وجهة نظرها دون ادنى وجل.

الاستثناء الوحيد في هذا المجال هو ما حاول رئيس مجلس النواب الاسبق عبدالهادي المجالي ان يخوض غماره خلال العقدين الماضيين، ولكن في كل مرة كان يصطدم بحقيقة ان لا احد في البلاد كان يرغب بان يتشكل تنظيم قادر على خلق التوازن، واكتفت البلاد والنظام على رأسها باللعب على التشريع للحفاظ على توازنات سياسية وديمغرافية ومصالح وامتيازات فئات بعينها على حساب الاغلبية الصامتة.

خلال الاسابيع القليلة الماضية، شهدنا معارك جديدة تحت قبة البرلمان، فيها من الاتهامية ما يكفي لاصدار احكام بالاعدام او المؤبد لمرتكبيها لو صحت. ولكن المتهمون والمدعون على حد سواء هم جزء من النظام نفسه الذي اسقط سابقاً جهود المجالي. هذا بالطبع ليس المنتهى، فالمجتمع تطور كثيراً منذ انتهت آخر محاولات المجالي، حيث رأينا شباباً في الشوارع يصرخون باعلى صوتهم مطالبين بمزيد من الاصلاحات.

جاءت ورقات الملك الاصلاحية لتشكل ما اعتقد البعض انه خارطة الطريق لمثل هذا الاصلاح، وهي تشكل رغبة حقيقية وصادقة، ولكن هل يمكن تحويل الرغبات الى واقع؟!

مرة اخرى ربما ان الرغبة موجودة ولكن هل تتوافر الارادة والقدرة بمجرد توافر الرغبة؟! سؤال اجاب عليه النائب مصطفى الحمارنة من خلال تقديمة لرؤية مجموعة المبادرة النيابية، فهم مجموعة وليسوا فرداً واحداً، رغم نزعة الفردية التي تظهر هنا او هناك في مراحل معينة.

ولكن، الاتجاه المضاد لطروحات الحمارنة واصحابه، بقيادة النائب ورئيس مجلس النواب الاسبق عبدالكريم الدغمي يدخل معركة يعتبرها مقدسه، اساسها الدفاع عن الوطن ضد ما هو بديل عنه، ويرى ان الامور يجب ان تستمر بثالوث “العشيرة والجيش والنظام”، وهو ابن واحده من اكبر واهم العشائر الاردنية.

ما يجمع الاثنين حمارنه ومجموعته من جهة والدغمي من جهة اخرى هو الجيش والنظام ام العشيرة فهي لا تفرقهم، ولكنها تجعلهما يبدوان من مدرستين مختلفتين لان الاول لا يُنقص من دورها السياسي، ولكنه يرى ضرورة ان تتطور العشيرة بما يضمن عدم احتكار قلة فيها لدفة البلاد، وتحرم البقية الباقية من كل شيء الا بما تمن به الاولى على الثانية.

بينما الثاني رغم تقديمه قدماً وتأخيره أخرى، يعتبر ان العشيرة اساس لتاريخ هذه البلاد فلا يجوز المساس بها مهما كانت الاسباب والمبررات، عملاً بمبدأ الحفاظ على الوضع القائم خير من التعامل مع المجهول.

وجاء بالطبع “مشروع كيري” ان كان هناك مشروع لكيري اصلاً، ولكن بمجرد ان اطلق كيري كلمات حول الحل النهائي للقضية الفلسطينية عاد الجميع الى قواعدهم، حيث اختط العشائرين خط المقاومة من اليوم الاول، وخونوا وعملنوا كل من هم خارج دائرتهم، اما حمارنة وصحبة، فلم اقرأ عنهم اي شيء يؤشر من قريب او بعيد عن موقف محدد في هذا المجال، فهل هذا تمهل ام اهمال، لا ادري؟!

الصراع بين التيارين هو استمرار لحالة عدم اليقين التي سادت البلاد على مدى عقود مضت، ولكن هذا الصراع ربما لن يؤتي ثماراً اذا بقي في دائرة الاتهامية والخوين، الا في حال ان ترقى الى مستويات اعلى وخلق اجواء تسمح بالتحزب.

انا عشائري ليبرالي، والعكس صحيح، فلا تضارب بين العشائرية والليبرالية، ويمكن في لحظة نضج معينة ان تتشكل احزاب يقودها طرفي هذا الصراع، لان الفكرة كلها تدور حول تبني قضية او قضايا بعينها، والدفاع عنها والابتعاد عن التفرد والانانية مرة اخرى.

ربما ان حمارنة واصحابه حققوا خرق في معادلة الثالوث، ولكن الحقائق على الارض تقول ان معادلة الاقتصاد والسياسة التي هيمنت على البلاد لسنوات طويلة، شهدت تحولات جذرية في العقد الماضي، وما زالت، فنحن نسمع عن اسماء ابناء عشائر يقودون مجموعات استثمارية ضخمة، فهل يعني هذا ان من سيطروا على الاقتصاد لفترات طويلة جداً، سيحصدون مزيداً من الامتيازات السياسية؟! سؤال برسم الاجابة…والسلام

– صحفي ومراسل صحيفة الجوردن تايمز للشؤون البرلمانية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.