صحيفة الكترونية اردنية شاملة

جنييف 2 بين حل أو إدارة الأزمة

0

بعد مفاوضات استمرت تسعة أيام، انتهت الجولة الأولى من مؤتمر جنيف 2 من دون تحقيق نتائج مهمة في مسار التسوية السياسيّة للأزمة السوريّة. وحتى الجولة الثانية من المفاوضات التي أعلن الوسيط الدولي والعربي الأخضر الإبراهيمي عن انعقادها في 10 شباط 2014، تبدو غير مؤكدة بعد أن “ربط” وفد النظام مشاركته بقرار الرئيس السوري بشار الأسد.

أخيرا، أصدر المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات تقدير موقف قال فيه: مع اختتام الجولة الأولى، بدأت التقييمات والتساؤلات بشأن حقيقة النتائج التي تحققت، وهل أصابت المعارضة أم أخطأت في المشاركة؟ وهل استغل النظام المؤتمر للتصعيد ميدانيًا؟ وهل ثمّة تغيير في الموقف الروسي بعد الإعلان عن زيارة يقوم بها وفد الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السوريّة إلى موسكو في 4 شباط/ فبراير 2014؟

تقدير الموقف الذي صدر عن المركز العربي في 1750 كلمة ظهرت النتيجة الأبرز فيه تشاؤمه من النتائج التي يمكن أن تتحقق منه. وفي هذا السياق يسأل: أين تمضي الأزمة من هنا؟

وفي معرض إجابته يقول: إن انعقاد مؤتمر جنيف 2 يشكل بداية لانطلاق مسار تفاوضيّ يمثل “الطريق الوحيد” المتفق عليه حتى الآن لحل الأزمة السوريّة في ظل عدم وجود بدائل أخرى كالتدخل العسكريّ أو تفكك النظام أو هزيمة المعارضة. لذلك، فإنّ الأطراف الراعية سوف تصرّ على استمراره حتى إن لم يحقق نتائج سريعة، لأنّ توقفه والاعتراف بفشله يعني اتخاذ قرارات لا أحد يريد اتخاذها.

ويشير التقدير الى ان جنيف 2 يمكن ان يفيد في تحقيق إحدى غايتين: (حل الأزمة) هدف عدد كبير من الأطراف حتى لو كانت فرص تحقيقه ضئيلة، وثاني الغايات (إدارة الأزمة): قد يشكّل جنيف 2 مدخلًا لحل الأزمة، لكنه قد يشكّل أيضًا أحد أدوات “إدارتها” إذا تعذَّر الحل. وهنا مكمن الخطر.

يقول تقدير المركز العربي، إن إدارة الأزمة تعني استمراريّة الصراع، ولكن مع “حصره” في نطاقه الجغرافيّ، لتبقى المصالح الحيويّة للقوى الكبرى أو حلفائها بمنأى عنه، كما يساعدها ذلك في عدم تحمّل أعبائه؛ متذرعة بوجود مسار سياسي تفاوضيّ يجمع أطراف الأزمة. ومن ثمّ، يكون دور هذه القوى حثّ الأطراف على التفاوض، وتقديم المبادرات، وعقد الاجتماعات الدوريّة من دون “حسم”، في مشهدٍ يكرر سيناريو المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية.

ويعرب التقدير عن خشيته من أنّ هذا الاحتمال له فرصه ومبرراته في ظل سياسة إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما الخارجية القائمة على الانكفاء عن التدخل المباشر، طالما لا يشكّل الصراع تهديدًا مباشرًا للأمن القومي للولايات المتحدة، وما تصريحات مسؤوليها، كالسفير روبرت فورد الذي أبلغ وفد الائتلاف بأنّ “مسار جنيف 2 شاق وطويل وقد يستغرق عامًا لتحقيق نتائج جدية”، إلا مؤشر على أنّ الأمور قد تذهب إلى هذا الاتجاه.

ومن جهة أخرى، – يقول التقدير إن هذا الاحتمال يتوافق مع رؤية إسرائيل للصراع السوريّ، ورغبتها في استدامته لتدمير قدرات سوريّة.

لكن ماذا عن إيران؟ يجيب التقدير، طهران ترى في سوريّة “معركة وجوديّة” لا يمكن أن تخسرها. وتعتقد روسيا أن لديها القدرة على التعامل مع تطورات الصراع السوري واحتمالاته ما دام محصورًا في الداخل عبر مداخل مختلفة مثل “حماية الأقليات”.

ويتابع، لا يُتوقَّع أن يلمس وفد الائتلاف تقدمًا في الموقف الروسي خلال زيارته موسكو، بل على العكس، يبدو أنّ روسيا متجهة نحو خلق مزيد من الإرباك بتوجيه دعوات منفصلة لهيئات وشخصيات من المعارضة، للإيحاء بأنها تتواصل مع مختلف الأطراف، تزامنًا مع دعواتها الأخيرة إلى إعادة تشكيل وفد المعارضة إلى مفاوضات جنيف ليشمل شخصيات من معارضة الداخل.

إنّ روسيا ترغب في إثارة نقاش بشأن ضرورة توسيع وفد المعارضة لكي تنتقل الضغوط الدولية من النظام إلى المعارضة من جهة، ولخلق خلافات داخل الوفد في الجولة الثانية من جهة أخرى.

وينصح التقدير المعارضة السوريّة، من أجل تحقيق نتائج أفضل خلال الجولات القادمة أن تستمر في التركيز على أن يكون هدف التفاوض الرئيس هو تشكيل هيئة انتقاليّة كاملة الصلاحيات، والمطالبة بتحديد جدول زمنيّ للمفاوضات والمرحلة الانتقاليّة. وبشكل متزامن، يتعين ترتيب البيت الداخليّ ضمن الائتلاف وإصلاحه، بما في ذلك دعوة المنسحبين بعد انتخابات الائتلاف الداخلية الأخيرة للعودة، وزيادة التنسيق مع القوى العسكريّة والمدنيّة في الداخل بما يسهم في تجاوز غياب الإجماع داخل هيئات المعارضة بشأن المشاركة في المؤتمر، وبما يعزّز موقف الائتلاف وحضوره في جولات التفاوض المقبلة.

كما ينصح التقدير المعارضة السورية بعدم الانشغال كثيرًا بتركيبة وفدها ومستوى الكفاءات والخبرات التي يتمتع بها، أو أي تكتيكات تفاوضية عالية يمكن أن يستخدمها، فلن يؤدي هذا إلى تغيير في موقفي روسيا والنظام في هذه المرحلة.

وقال: إنّ المطلوب الآن هو الإصرار على الموقف المتعلق بآلية الانتقال من النظام الحالي إلى نظام ديمقراطي تعددي، وشرح جرائم النظام قبل الثورة وبعدها بصدقية عالية ووثائق مؤكدة.

ويقول: في هذه النقطة تحديدًا، يجب أن يحسِّن الائتلاف أداءه في التعاطي مع وسائل الإعلام، ولا سيما الإعلام الغربي حتى يتمكّن من إيصال الرسالة المطلوبة خلال الجولات القادمة.

أخيرًا، – يقول التقدير من المهم – بالتوازي مع العملية التفاوضية – الاستمرار في العمل على تعزيز وضع حكومة الائتلاف كمؤسسة تنفيذية، وترتيب وضع الائتلاف كبرلمان للشعب السوري، وبذل الجهد كله على الأرض بالتنسيق مع الدول الداعمة للثورة لانتهاج بدائل أخرى في حال فشل مؤتمر جنيف 2 في تحقيق أهدافه أو في حال تعثّر مساره.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.