صحيفة الكترونية اردنية شاملة

من هو الفقير؟!

0

ادخل صاحبي يده في جيبه وسحب فاتورة الكهرياء عن الشهر الماضي وقال : اقرأ .. هل هذا معقول ؟!
دققت في الارقام المدونة فكان المجموع 319 دينارا ، وهي مطالبة عن شهر واحد بدل استهلاك الكهرباء في شقة يسكنها صديقي وزوجته فقط . اما فاتورة بيتي ( شقة ) فارتفعت من 38 دينارا الى 160 دينارا مرة واحدة … معقول يا ناس؟
الحقيقة ان مصادر الطاقة في الاردن ارتفعت كلها بشكل اثقل كاهل المواطن ، واعتقد ان اسعار الطاقة عندنا بلغت الذروة ، وبشكل لا يتناغم مع دخل الموظف او المتقاعد ، خصوصا ان ارتفاع اسعار الطاقة جر معه اسعار كل السلع الاخرى ، حتى اصبحت عمان في مقدمة العواصم العربية بالنسبة الى الغلاء مقارنة مع معدل متوسط دخل الفرد . وهذا في علم الاقتصاد يعني اتساع الفجوة بين فئات المجتمع الواحد .
هذا الارتفاع المضطرد في اسعار الغذاء والدواء والعقارات السكنية لم يرافقه زيادة مناسبة في دخل الفرد ، وسيقود حتما الى تقلص الطبقة الوسطى في المجتمع وزيادة في حجم الشريحة الفقيرة ، وبالتالي خلق واقع يهدد الامن الاجتماعي ، في غياب المشروعات الاستثمارية الجديدة ، اضافة الى عدم ازدياد عدد المشاريع الانتاجية التي تخلق فرص عمل تساعد في مكافحة البطالة والفقر ، خصوصا في المحافظات البعيدة عن العاصمة.
نحن نعرف ان لا فرض ضرائب ولا رسوم جديدة بلا قوانين ، فهل هذه الطفرة في زيادة الضرائب والرسوم تتم على قاعدة قانونية ؟ واذا كان كذلك فهذا يعني اشتراك السلطة التشريعية في المسؤولية .
وهنا نتساءل : هل الاستجابة لشروط البنك الدولي ورغباته ، تحت عنوان التصحيح او الاصلاح الاقتصادي ، خطوة صائبة ، رغم اثارها الجانبية المؤلمة للمواطن على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي؟
هناك تجارب في اميركا اللاتينية ودول العالم الثالث تبين خطورة الاستجابة العمياء لشروط البنك الدولي ومؤسساته ، والاثار الجانبية الخطيرة لشروط البنك الدولي من الناحية الاجتماعية والامنية . ايضا هناك نتائج سلبية لعدم القدرة على احتواء الازمة الاقتصادية او معلجتها بطريقة ناجحة ناجعة او ايجاد حلول واضحة شفافة معلنة لها .
ومن خلال حسبة سريعة حول الغلاء ودخل الموظف في القطاعين العام والخاص نجد ان خط الفقر قفز الى الالف دينار ، اي ان من يتقاضى هذا المبلغ شهريا اصبح في عداد الفقراء ، اذا حسبنا تسعيرة استهلاك الكهرباء وفاتورة التلفون والمياه وبدل ايجار المنزل او قسط الاسكان لمالكي المساكن بالتقسيط ، اضافة الى قسط الابناء في المدرسة او الجامعة سنجد ان الراتب لا يكفي للمصاريف الضرورية الاخرى ، لكل هذا نجد ان رواتب معظم موظفي القطاعين العام والخاص مرهونة الى البنوك مقابل قروض حصلوا عليها لسد احتياجاتهم الطارئة .
هذا الواقع يجب ان لا تتجاهله الحكومة ولا السلطة التشريعية ايضا ، لأنه سيخلق فوارق طبقية تقود الى خلل يهدد الامن الاجتماعي في يوم ما ، خصوصا مع التصاعد في نسبة البطالة واتساع حزام الفقر في الاردن ، وفي غياب تنمية حقيقية مستدامة .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.