صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الكتابة الساخرة في الزمن المسخرة!!

0

لا اذكر اسم المخرج الروسي الذي قال قبل عقود طويلة عبارته المشهورة :” الكوميديا هي ذروة التراجيديا ” بمعنى ان الملهاة هي ذروة المأساة و قد يكون ذلك في المسرح او السينما ، بل يتعداه ليشمل الكتابة السياسية والاجتماعية الابداعية وفن التشكيل ايضا.

الكتابة الساخرة او الفن الساخر هو اسلوب ناعم جذاب لتوصيل الرسالة الى الناس وتوعيتهم الى مشكلاتهم في المراحل الصعبة واطلاعهم على تفاصيل الازمات السياسية والاجتماعية التي يواجهونها كمجتمع او كوطن ودولة عبر وسائل تعبير ساخرة تحمل اليهم الابتسامة او الضحكة التي تخفي وراءها اسرار واخبار لا تخفى على احد .

في لبنان على سبيل المثال ، قبل اشتعال الحرب الاهلية في السبعينات ، اي في مرحلة التحول ، او الاحساس بالخطر، كنا نقرأ جريدة النهار من الخلف ، اي من الصفحة الاخيرة التي تحتوي على كاريكاتيربيار صادق ، قبل قراءة تعليق ميشيل ابو جودة وافتتاحية غسان تويني. وفي صحيفة السفير كنا نبدأ بكاريكتير ناجي العلي الذي كان ماهرا في استشعار احداث المستقبل الاسوأ . صحيح ان الكاريكاتير تشكيل ساخر نباشر معه بابتسامة او ضحكة ، ولكنه في الحقيقة يحمل خطوط الجدية ويعبر عن المشاعر الماساوية التي يخفيها الناس . لذلك علق سياسي عربي على رسومات ناجي فقال ان ناجي العلي يرسم بالأسيد ويحفر بالسكين.

اما بالنسبة للكتابة الساخرة ، والنقد المضحك المبكي اذكر بعض الاسماء التي برزت في المراحل الصعبة ، رغم عدم توفر اجواء الحرية اللازمة في ذلك الوقت ، وفي المقدمة اسم محمد الماغوط وزكريا تامر وهما رائدا الكتابة الساخرة في سوريا . وفي مصر محمود السعدني.وهنا اتحدث عن الرواد كي لا انحاز الى الزميلين المبدعين في المقر الفنان ناصر الجعفري والكاتب احمد حسن الزعبي ، لأن شهادتي ستكون مجروحة.

الحق اقول لكم ان من الواجب ان لا نستهين بالتعبير الساخر ، ان كان في المسرح او الكتابة السياسية او التشكيل ، فهي مهمة صعبة تحتاج الى قدر كبير من الموهبة والقدرة ، كما تحتاج الى مناخ من الحرية . كما يتم الاقبال من المتلقين على هذه الوسائل في المراحل الاكثر خطورة وفي الوقت الذي تواجه فيه الامم والدول تحديات مصيرية .

واللافت ان قراء الصحف الاردنية يتابعون باهتمام الكتابات الساخرة ورسوم الكاريكاتير التي تعالج قضايا سياسية او تتناول مشكلات اجتماعية وحياتية للمواطن في الصحف اليومية . ويميلون الى التصعيد في انتقاد الحكومات . وهذا يعني اننا نواجه تحديات كبيرة لا تحتاج الى دفن الرؤوس في الرمال .

وباعتقادي ان الكتابات الساخرة ، ومعها الفن الساخر ، قد تزدهر أكثر وتصبح جاذبة لقطاع اوسع من المتلقين، ليس في الاردن فقط ، بل في كل البلاد العربية ، لأننا مقبلون جماعة على زمن المساخر . مع ضرورة التذكير بان ” المساخر ” هو العيد اليهودي الاكثر حيوية في السنة العبرية .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.