صحيفة الكترونية اردنية شاملة

ليلة سمر من أجل القدس!!

0

قبل الغروب بساعات قليلة ، اقف فوق مرتفع يشرف على مدينة القدس ، احس بحزن طارىء ، ارى وجهها النوراني الذي يشبه قرص شمس ، اتابع غروبها كأنه من برتقال ، انا وهي كنا في حالة تأهب لوداع عام مضى ونستقبل عاما جديدا دون حياد ، ولكن بلا مبالغة في التفاؤل او الامل، لأنني على يقين ان في الرزنامة الجديدة ما هوأسوأ، لأن الانهيار الشامل لم يبلغ قاع الهاوية بعد.

في منتصف الليل كبرت معها وكبر الحب ، بعدما ودعنا عاما كانت زيارته قصيرة ولكنها ثقيلة . بعد منتصف الليل بقليل وقفت في لحظة تأمل اتساءل : الى اين ياخذنا هذا المدى ، الى اين يوصلنا هذا النص المفتوح على نهايته بلا حرج؟

راقبت اضواءها تتلألأ بعيدة ولكنها تتسلل الى اعماق الروح . في الحقيقة ، هي ليست بعيدة الى هذا الحد فكلما نظرت الى داخلي اجدها قي اعماق القلب ، ولكن في هذه الليلة ، كما في كل لياليها الباردة ، اخالها تشعر بالوحدة ، مثلي تماما ، فانا في هذه الليلة اشعر بضرورة وجود زوجتي واولادي من حولي ، انتظر ان يرن الهاتف ، وان يدق على الباب صديق ، واتوق الى سماع ضجيج الجيران ، فانا في هذه الليلة اشعر بانني اكبر والايام تسرق العمر .

القدس اسيرة واهلها اسرى ، وشعبها يسير على درب الجلجلة، لذلك أخالها تلجأ الى تاريخها وتراثها ومجدها وذاكرتها التي تختزن الحنين الى خيول صلاح الدين وصليل سيوف الفاتجين المحررين. تختار الذاكرة والماضي كي تشعر انها بخير وهي تجتاز حلبة الصراع بين الذاكرة والنسيان في حالة غياب عربي .

كانت تغرق في فجرها الفضي الموشح بالسواد عندما سمعتها تهمس بصوت مسموع فتقول : “لن انسى ولن اغفر ، ولن اسلم روحي وهويتي للغزاة ، فانا موجودة في الروح واللغة من الابد الى الابد ..”

ادركها الصباح الذهبيي ، استيقظت القدس من سباتها مثل زهرة تفتحت مع اشراقة شمس يوم جديد في عام جديد ، استيقظت مدججة بحلمها واصرارها ، فهي تمتلك ذاكرة جماعية كما تمتلك القدرة على الاحتفاظ بالحلم الجماعي ، اي انها قادرة على ان تحلم عني ونيابة عن الجميع ، لأن هناك من يخشى حتى الحلم في زمن الانهيار الشامل.

القدس ليست عرافة ، ولا قارئة بخت ، او ضاربة ودع ، انها المدينة المقدسة التي كانت ولا تزال اول النشيد وآخر الكلام ، وقد علمها التاريخ ان فيها ما يكفي للفرح والتفاؤل والصمود والانتصار ، لذلك رأيتها في الصباح تفتح ذراعيها للريح وترفع قبابها الذهبية نحو الاعالي لتعانق الشمس .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.