صحيفة الكترونية اردنية شاملة

ربيع كييف؟!

0

اذا أردت ان تعرف ماذا في الشرق الاوسط يجب ان تعرف ما يحدث في اورانيا ، حيث تعيش كييف حالة ربيع عربي لا يشبه ربيع براغ من قريب او بعيد .

لم يحدث اجتياح عسكري روسي ، كما حدث في ربيع براغ ، عندما استيقظ سكان براغ في الصباح الباكر على هدير دبابات الجيش الاحمر ، فربيع كييف جاء على نسق الربيع العربي ، حيث اعتصمت المعارضة الرافضة للعلاقات الروسية الاوكرانية في ساحة الاستقلال طالبة ان يكون الاتحاد الاوروبي هو البديل ، واحلال حلف شمال الاطلسي مكان التعون العسكري مع روسيا .

واذا اردنا معرفة ما يجري في كييف ، والدخول في اعماق المشكلة ، من الواجب ان لا نبتعد كثيرا عن دور التاريخ والجغرافيا في تكوين هذه الازمة ، لأن اوكرانيا عانت كثيرا من تدخل التاريخ والجغرافيا في تقرير مصير شعبها . فهي في موقعها تتوسط مجموعة من الدول متشابكة الاعراق والاغراض والمصالح . فهذه الدولة المسيحية الارثوذكسية محاطة بروسيا وبولندا والنمسا وهنغاريا ورومانيا ، وقد تعرضت لحروب اهلية ، وعمليات تقسيم وتم اقتطاع مناطق من اراضيها وشعبها اكثر من مرة عبر التاريخ .

وما يحدث اليوم في اوكرانيا يثير الهواجس والمخاوف القديمة ، لأنه الانقسام قد يحدث شرخا داخل المجتمع الواحد وبالتالي يقود الى اقتتال اهلي ، مع ضرورة الاشارة الى ان اوكرانيا تمتلك ثاني اكبرجيش في اوروبا ، اي بعد روسيا ، كم انها الحاضنة لاسطول البحر الاسود الروسي . وكانت ذات يوم المخزن الاكبر للاسلحة النووية السوفياتية ، قبل اعادتها الى روسيا ، وتوقيعها على معاهدة حظر الاسلحة النووية.

وما يجري الآن في ساحة الاستقلال بالعاصمة كييف ، هو صراع على الهوية الوطنية . فهناك من يتطلع الى ضرورة انتماء انتماء اوكرانيا الى اوروبا الغربية وتحركه قوى خفية غربية واميركية ، وهناك بالمقابل من يريد التعاون والتقارب مع روسيا لأنه يرى مصالح بلاده في العلاقات مع موسكو خصوصا اتفاقية الغاز التي قد تقدم لاوكرانيا 7 مليارات دولار ، اضافة الى التعاون الصناعي بين البلدين ، مع ضرورة التذكير بأن الاتحاد السوفياتي هو الذي انشأ الصناعة في اوكرانيا بعد الحرب العالمية الثانية ، حيث تم تخصيص 20 بالمئة من موازنة الاتحاد السوفياتي للتنمية الصناعية فة اوكرانيا وذلك قبل وصول ابن اوكرانيا الرئيس بريجنيف الى السلطة في موسكو.

والثابت ان الدخول السري والعلني للدول الغربية ساحة الاستقلال هو الذي اجج الثورة على النظام في كييف ، وخصوصا ظهور اشتون والسناتور الاميركي جون مكين ، وهو الطيار الفاشل الذي قاتل في فييتنام وفشل في انتخابات الرئاسة الاميركية ، ولكنه ما زال يبحث عن دور .

واذا كنا نتحدث عن التاريخ والجغرافيا لا بد من التطرق الى المسألة الاجتماعية الاقتصادية ودورها في حل ازمة اوكرانيا تاريخيا ، وهي الازمة التي ظلت تعصف بذلك الشعب عبر العصور القديمة والوسطى والحديثة ، والتي ادت الى تقسيم الشعب والارض في أكثر من مرة ، فقد نجح الاتحاد السوفياتي في انهاء الصراع الداخلي في اوكرانيا باستخدام وسيلتين الاولى اعتمدت سياسة (أكرنة اوكرانيا) باعتبارها اكبر دولة حليفة، ثم خلق الصراع الطبقي الاقتصادي والاجتماعي كبديل للصراع العرقي والجهوي. بهذه السياسة تم قمع واجتثاث كل حركات التمرد واولها (جيش التمرد الاوكراني) الذي شكلته عناصر قومية متعصبة واحترف عمليات العنف والاغتيال والارهاب وشن هجمات على الجيش الاحمر خلال الحرب العالمية الثانية .

اريد ان اقول ان الرئيس بوتين انتظرهم في الغرب فاتوا من الشرق عبر ربيع كييف ، بعد اكتساح كبير للدبلوماسية الروسية في حل الازمات ، في حين تحاول الحكومة الاوكرانية احتواء الازمة بنعومة ولبس عبر الحلول الامنية والعسكرية حتى الآن ، لأنها مدركة ان الاتحاد الاوروبي المأزوم لن يستطيع تقديم ما تسطيع موسكو تقديمه لبلادها من اجل حل مشكلاتها الاقتصادية . كما ان الاكثرية البرلمانية والشعبية ما زالت تعمل لصالح موقف الحكومة ، اي الخيار الروسي .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.