صحيفة الكترونية اردنية شاملة

ابنة السانوسي تسرد قصة سجنها واختطافها

0

” أبدو الآن بلا هوية. الكل ضدي.. وكل ذنبي أني إبنة عبد الله السنوسي”. هكذا تحكي العنود في هدوء تام.

“لا أندم على شيء. كل ما عشته تجارب أضافت لي. كنتُ أتمنى طبعاً أن أعيش حياة مثل تلك التي تعيشها فتيات في مثل عمري، أن أستمتع بالحياة وأحب، وأشتري ماكياجاً وألهو مع صديقاتي، لكني وجدتُني أكبر بسرعة فائقة، وأحمل هموماً تُهرمني، وذنبي الوحيد في كل ذلك أنني إبنة عبد الله السنوسي.. فيا رب العالمين، لو كان والدي بريئاً، برئه، ولو كان ظالماً، أظهر الحقيقة”.

العنود في هولندا

لحكاية العنود، إبنة عبد الله السنوسي، رئيس المخابرات السابق في نظام القذافي وذراعه الأيمن وعديله، جانب إنساني، تكشف عنه لأول مرة، من فندقها الذي تقيم به في العاصمة السياسية الهولندية لاهاي، حيث تزور هولندا لأول مرة، لتقديم طلب لدى محكمة الجنايات الدولية ICC.
تعتقد العنود أن الهولنديين كما اختبرتهم، لطفاء طيبون ومستعدون لتقديم المساعدة، على عكس الألمان الذين لا يعرفون طريقاً للإبتسام.

جاءت العنود الى هولندا لتقنع – مع فريق الدفاع عن والدها- محكمة الجنايات الدولية باستقدام والدها إلى لاهاي لمحاكمة عادلة. كان السؤال الذي وجهته لمحكمة الجنايات الدولية: ” لماذا رفضتم السنوسي ولماذا وافقتم على استلام سيف ورفضتم والدي مع أن والدي وسيف وجهان لعملة واحدة؟”.

وفي انتظار رد محكمة الجنايات على استئناف فريق الدفاع ضد قرار المحكمة بموافقتها على محاكمة السنوسي داخل ليبيا، فإن العنود تريد من المحكمة أيضاً أن توقف المحكمة في ليبا باتخاذ أي قرار قبل قرار محكمة الجنايات. “لا أدري ماذا سيفعل الليبيون بأبي، فقد يعدمونه قبل رد محكمة الجنايات على طلبنا”.

محاكمة عادلة

وتؤكد العنود أنها لا تريد أكثر من محاكمة عادلة لوالدها، موضحة: “لا أريد تبرئة والدي، بل محاكمة عادلة تظهر فيها الحقيقة، ويسمح له فيها بالدفاع عن نفسه. تكون علنية ومنقولة مباشرة للعالم، خاصة للشعب الليبي”. وقبل ذلك تتقدم العنود بملف مطلبي ينص على حق والدها في العناية الصحية، فهي تعتقد أن نحافته البالغة المفاجئة وشحوب وجهه، يوشي ربما بإصابته بالسرطان من جديد. كما تطالب بحقه في التواصل مع أهله وفي استقبال الزيارة من طرف أهله ومحاميه والمنظمات الحقوقية. وتقول العنود إن في حوزتها أدلة ووثائق لمحكمة الجنايات الدولية، تساعد والدها في بعض قضاياه، وأن هناك شهوداً من السجن الذي هو فيه، مستعدون للإدلاء بشهاداتهم أمام المحكمة، في أنه يتعرض للتعذيب والإهانة.

تعتقد العنود أن محكمة الجنايات تنازلت عن ملاحقة والدها بضغوطات من فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، فوالدها كان مطلوباً من فرنسا وأمريكا من قبل، وباعتباره كان رئيساً للمخابرات، فقد كان أيضاً صندوقاً أسود يحوي الكثير من الأسرار، سيكشف عنها بالتأكيد أمام محكمة الجنايات الدولية. كما أنها لا تستعبد ضغوطات من ليبيا، وتربط اختطاف رئيس الحكومة علي زيدان بذلك، لأنه سبق قرار المحكمة بيوم واحد فقط.

العنود السجينة

وصلت العنود يومها إلى مطار طرابلس الدولي، بعدما وعدها -حسب قولها- النائب العام الليبي بزيارة والدها. قيدت بعد وصولها إلى السجن بتهمة دخولها بطريقة غير شرعية وبجواز سفر مزور. تقول إن الجواز كان به اسمها الرباعي، وينقصه الإسم العائلي “السنوسي”.

حوكمت العنود بعشرة أشهر سجناً نافذة ولكنها ظلت في زنزانتها شهراً إضافياً وستة أيام، ” انتظار الظرف الملائم للإفراج عنها”، هكذا تقول. وغير هذا فهي تؤكد أن المعاملة التي تلقتها كانت في الغالب “على أساس أني ابنة عبد الله السنوسي، لكن كان من السجانين من عاملني بإنسانية حقيقية. ومع ذلك يبقى السجن هو أقرب مكان للقبر. كنت في زنزانة إنفرادية وممنوعة من الكلام مع أي كان. يمتلكني الخوف فأهرب من هواجسي التي تهمس لي بالإنتحار للصلاة، إلى أن أصبحت أصلي 150 ركعة في اليوم”.

زيارة لوالدها

بعد مرور خمسة أشهر في السجن، سُمح للعنود بزيارة والدها، تقول إنها شعرت بفرحة عارمة وهي تستعد للقائه، ولكن بمجرد ما رأته في غرفة صغيرة مكتظة بالحراس والإعلاميين، شعرت بالخيبة ولم تستطع أن تقول شيئاً كثيراً في عشر دقائق. قال لها: “اهتمي بإخوتك وانسوني”. تقول العنود إنه كان يعدهم لمثل هذا اليوم، فهو دائماً كان يقول: “كرسي الحاكم مثل كرسي الحلاق”. وقد قصف الناتو بيته في ليبيا، كما تقول العنود وصودرت أمواله وسياراته وممتلكاته. وتتذكر لحظات غضب والدها في البيت، فهو حين كان يغضب من أحدهم، “يقاطعه في صمت ويتجاهله تماماً كما لو كان مجرد قطعة أثاثٍ في البيت. لا يضرب ولا يزجر. أبي لم يعش حياته. كان رجلا عسكريا ممنوعا من السفر، ومنشفة لنظام القذافي مسح فيها كل القضايا وفكان مطلوبا من فرنسا وأمريكا وتم سجنه كم مرة في عهد القذافي وتوقيفه عن العمل لأربع سنوات”.

الاختطاف

تحكي العنود أنه في ذلك اليوم أتاها نائب وزير العدل، وأخبرها أنهم سيفرجون عنها وأن عائلتها تنتظرها في المطار. أخذوها في سيارة صغيرة غير مصفحة بسائق فقط، وخلفها كانت سيارة نائب وزير العدل ورجاله، ثم سيارة للحرس. بعد عشرة أمتار، ظهرت لهم مليشيا تتكون من خمسة عشرة رجلاً ملثماً بأسلحة خفيفة. وجدت نفسها وحيدة تماماً معهم خلال لحظات. اقترب منها واحد منهم، فسألته: ستقتلونني؟ طمئنها وقال: “نحن هنا لحمايتك من ميليشيات في الطريق”. تحكي العنود أن الرجل ذهب بها إلى بيت عائلته، ثم نقلها إلى مزرعة قضت بها يومين تقريباً، قبل أن ينقلها إلى مكان عسكري فيه طائرات عسكرية وأسلحة ثقيلة، مقفل بالحديد. وتضيف: “لم يتم إيذائي بأي شكل، ولكن معنوياتي كانت متدهورة”. وتضيف: “بعد أربعة أيام، ذهبنا إلى مكتب رئيس الحكومة ولم يكن زيدان موجوداً، بل نائبه فقط وشخص آخر من قبيلتنا، حضر ليوصلني إلى أهلي. حين دخلنا لمكتب رئيس الوزراء شعرت كأننا ندخل لسوبرماركت. وسمعت فيما بعد أن علي زيدان دفع مبالغ كبيرة للمليشيا لتفرج عني، ولتفتح قبيلتي المياه”.

في موريتانيا

حين سلمت موريتانيا عبد الله السنوسي لليبيا، كانت العنود مع أمها وإخوتها معه في موريتانيا بدعوة شخصية من الرئيس الموريتاني، وكانوا قد وصلوا قبل اربعة أيام لقضاء العيد معه. تقول إن الرئيس الموريتاني “خلف بوعده لنا في الحصول على اللجوء السياسي وسلم والدي لليبيا. اتصل مكتب الرئاسة بوالدي في ذاك اليوم وقالوا له إنه سيقابل الرئيس، فتفاجأنا بعد ذلك عبر التلفزيون، بخبر وصوله إلى ليبيا”.. وهكذا تغيرت حياة العنود.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.