صحيفة الكترونية اردنية شاملة

زعيم استثنائي ..

0

لماذا اجمع العالم على احترام وتقدير وتبجيل نيلسون مانديلا الى هذا الحد ؟

الحقيقة ان ما من زعيم في الدنيا التقى الناس على محبته كما مانديلا، ليس لأنه امضى 27 في السجن ، لأن هناك العديد من السجناء السياسيين والمناضلين الذين امضوا في السجون عشرات الاعوام ، ولكن مانديلا زعيم تفرد بصفات جعلته استثنائيا ، فهو متصالح مع ذاته الى ابعد الحدود ومتسامح مع الآخرين بمن فيهم خصومه وسجانيه، كما احب بلاده واخلص لشعبه الى درجة التعبد .

عندما خرج من السجن ليعانق الحرية لم يعلق في الماضي، ولم يقع اسير شهوة الانتقام ، بل تحرر من الحقد والكراهية والغضب، وتطلع الى بناء بلاده والانطلاق بها الى الامام ، على اساس مصالحها ووفق صياغة مستقبلها الجديد ، وعلى قاعدة التعددية السياسية والدينية والعرقية ، وتفكيك نظام التمييز العنصري، كما كرّس الديمقراطية رافضا سياسة الاقصاء ومتمسكا بمبدأ مشاركة كل الاطياف والطوائف في الحياة السياسية في بلاده، وأكد ذلك عندما اختار خصمه ديكليرك نائبا له كما اختارأشد معارضيه من قبائل الزولو وزيرا للداخلية.

لقد نجح ( ابو الشعب وزعيم الامة ) كما يلقبه انصاره الكثر في جنوب افريقيا في بناء دولة حديثة واصدار دستور جديد من ارقى الدساتير في العالم ، وتمكن من تحقيق هذه الانجازات بعد اجراء المصالحة الوطنية ، دون تقديم اي تنازلات ، لأنه كان يفاوض سجانه بحوار متكافيء يستند الى مخزون من النضال الحقيقي الثابت والصامد على قاعدة صلبة من الحق والعدل والشرعية الوطنية والشعبية.

وعندما بدأ كفاحه الطويل اعتنق عقيدة اللاعنف التي استلهمها من غاندي، لذلك اجمع على احترامه العالم كله بشرقه وغربه ، فهوالوحيد الذي يحمل وسام لينين الى جانب قلادة الحرية الاميركية، الى جانب اكبر عدد من الجوائز والاوسمة يحصل عليها زعيم في التاريخ.

وبهذه الماسبة يجب ان نتذكر كلماته التي رددها عندما اقسم اليمين بعد فوزه بالرئاسة في جنوب افريقيا حين قال ما معناه:” لن نسمح لانسان باضطهاد اخيه الانسان في بلادي بعد اليوم” . وكان اكثر واقعية عندما اكمل مدته في الحكم ولكنه رفض تمدي او تجديد ولايته او الاستمرار في الحكم رغم رغبة الشعب ، وحتمية النجاح في انتخابات ديمقراطية .

لكل ذلك اعتبره العالم زعيما استثنائيا يستحق التكريم والوداع والاحتفاء الذي يليق به بمناسبة رحيله الذي احزن القلوب ، بعدما حظي بهذا الكم والحجم من التقدير والمحبة والتجيل في في حياته … له المجد والرحمة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.