صحيفة الكترونية اردنية شاملة

مين اللي وقّع؟!

0

قبل أن يجفّ الحبر الذي كُتب به ميثاق النزاهة الوطنية وخطته التنفيذية؛ وقبل أن ينتهي المؤتمر الوطني الذي عُقد في البحر الميت لمناقشة هذا الميثاق، حتى كانت الأوساط الإعلامية مشغولة أمس بموضوع جديد، بوزن “قنبلة نووية”، ألقي على المشهد السياسي، ويتمثّل في اللغط حول بيع أسهم مؤسسة الضمان الاجتماعي في بنك الإسكان، ونسبتها 15.38 %، بقيمة تقترب من 465 مليون دولار.
ليست الصدمة الكبرى التي ضربت الرأي العام والنخب السياسية هي في بيع أسهم “الضمان” سرّاً إلى “شركة قطرية”، ليست مشهورة على الخريطة الاستثمارية الإقليمية؛ بل هي في تفاجؤ الجميع بإخطار من مكتب محاماة مرتبط بالشركة، برفع قضية تحكيم أمام القضاء البريطاني لإنفاذ الاتفاق مع الشركة أو دفع غرامة (الشرط الجزائي) قيمتها 93 مليون دولار!
الحكومة تؤكّد أنّها لا تمتلك الوثائق التي قدّمتها الشركة القطرية، وصندوق استثمار أموال الضمان يؤكد بدوره أنّه راجع سجلاّته كافة، ولم يجد في الصادر والوارد أيّ وثيقة لها علاقة بهذه الاتفاقية. والأهم من هذا وذاك، أنّ الرئيس السابق للصندوق، ياسر العدوان، يؤكّد بدوره لـ”الغد” أنّ التوقيع المنسوب إليه على الوثيقة مزوّر، وغير صحيح. بل ورفع العدوان سقف التحدّي للتأكيد على مصداقيته أمام الرأي العام، بإعلانه أن “من يبيع أسهم الضمان في الإسكان يبيع الوطن”!
يشهد عدد من أعضاء مجلس إدارة “الضمان”، سابقاً، على عدم توقيع العدوان اتفاقية خلال عضويتهم في آذار (مارس) 2012، ويؤكدون أنّهم قاوموا معه ضغوطاً حكومية رسمية في حينها لبيع الأسهم للشركة القطرية، بدعوى توفير مبلغ 500 مليون دولار. وهي ضغوط سابقة للعدوان نفسه، وتعود إلى العام 2010!
وللتذكير، فقد اعتبرت أوساط سياسية وإعلامية حينها أنّ تغيير مدير صندوق استثمار أموال الضمان، ياسر العدوان، في عهد رئيس وزراء سابق، إنما كان بهدف الإتيان بشخص آخر لتمرير صفقة بيع الأسهم، التي يبدو أنّ هناك جهة ما مستفيدة منها، أو تضغط من أجل إتمامها. لكنّ المدير التالي، وهو هنري عزّام، لم يستطع، ربما بسبب الضغوط الإعلامية والشعبية، إتمام الصفقة، قبل أن يأتي د.عبدالله النسور بسليمان الحافظ مديراً للصندوق.
إذا قبلنا تأكيدات ياسر العدوان، وشهادات زملائه في مجلس إدارة الصندوق، بأنّهم لم يمرّروا مثل هذه الاتفاقية، فإنّ الاحتمال الآخر يتمثّل في أن يكون التوقيع فعلاً مزوّرا عبر الشركة القطرية، في عملية ابتزاز للصندوق للحصول على المال!
هذا الاحتمال، فضلاً عن أنّه منطقياً بعيد الاحتمال، فإنّه يتضارب مع إصرار الشركة القطرية على التقاضي. كما يتضارب مع تقرير مهم لموقع “jo24″، يتضمن تسريباً لوثائق الاتفاقية الموقعة، وتفاصيل التوقيع والاتصالات بين الطرفين، وتزعم توقيع كل من ياسر العدوان ووليد عرجان عليها، وتوضّح أسلوب التحايل على قانون البنك المركزي، عبر إتمام الصفقة على دفعتين، والتوقيع في الدوحة تجنباً لضغوط الإعلام!
الأهم من هذا وذاك، أنّ الحديث عن الشركة القطرية، وعن تنافس قطري، إيراني، كويتي، على شراء أسهم “الضمان” في بنك الإسكان؛ وعن وجود جهات حكومية ورسمية تدعم ذلك، وتضغط على إدارة صندوق الاستثمار، كل ذلك يدفعنا إلى القلق والتوجس من وجود “حلقة مفقودة” خطيرة، ولعبة سياسية فشلت في تمرير العملية بعد إقالة العدوان، فانفضح الطابق اليوم!
أمامنا، منطقياً، أحد أمرين: إمّا أنّ العدوان وقّع، أو أنّ التوقيع تمّ تزويره. وإذا كان الأمر الثاني، فإمّا أنّ المزوّر هو الشركة القطرية، أو جهة/ طرف أردني. فهل ستتكشّف الأمور قريباً، أم سننتظر حكم القضاء السويسري؟!

الغد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.