صحيفة الكترونية اردنية شاملة

التعليم العالي أمام فرصة أخيرة

0

على مدار سنوات مضت، ابتُلي التعليم العالي في الأردن بمسؤولين جهلة، غامروا بمكتسباته وفرطوا بإنجازاته. قلة فقط كان لديهم تصورات وخطط جدية لإصلاح حال واحدة من أعرق مؤسسات الدولة الأردنية، لكنهم غادروا مواقعهم محبطين؛ يكفي أن تسمع الرواية من الدكتور وجيه عويس الذي تسلم وزارة التعليم العالي ووزارة التربية أيضا، لتعرف المصير الذي آلت إليه جهود الإصلاح، وغياب الإرادة، ومدى التدهور والفساد اللذين ضربا هذا القطاع.
الآن، ومع كل “البلاوي” التي تحدث في الجامعات، والانهيار المريع في المعايير الأكاديمية والقيمية، ما تزال عملية الإصلاح تزحف على بطنها؛ بطيئة ومرتبكة، وتفتقر للجدية والحزم اللازمين، في مواجهة ظروف بالغة الخطورة.
ثمة خطوات كنا نعتقد أن المؤسسات المعنية سارت بتنفيذها منذ العام الماضي الذي شهد أحداثا مأساوية في عديد الجامعات، لكننا نكتشف اليوم أنها ما تزال مطروحة على جدول الأعمال للمرحلة المقبلة. ألم يكن مفترضا أن نعتمد أسس القبول الجامعي العام الماضي؟ ألم تقل الحكومة إنها ستخفض أعداد المقبولين اعتبارا من الدورة الماضية؟ ولماذا لم تطبق القاعدة التي التزمت بها فيما يخص قبول طلبة في جامعات خارج محافظاتهم؟
ألم تكفهم المصائب التي حدثت العام الماضي لكي يستخلصوا العبر؟ ولماذا الكذب على الناس؟
الخراب كبير في التعليم العالي، لكن الوقت لم يفت على إنقاذه. وفي الأفق بارقة أمل جديدة، لاحت بوادرها في ملتقى سياسات إصلاح التعليم الذي نظمته “المبادرة النيابية” على مدار يومين.
مناقشات اليوم الأول، والتي نقل فحواها تقرير الزميل حابس العدوان في “الغد”، حفلت بنقد شجاع للوضع الحالي، تبارى في قوله وزير التربية والتعليم د. محمد ذنيبات، ورئيس الجامعة الأردنية د. خليف الطراونة. وتحدث في الموضوع أيضا النائب حسن عبيدات، عارضا ما يرى أنها مخارج من الورطة التي نعيشها.
الذنيبات والطراونة مسؤولان كل في موقعه، ولا يكفي أن نسمع منهما تشخيصا للأزمة، ولا قرع المزيد من أجراس الإنذار. هما وغيرهما من وزراء ورؤساء جامعات، مطالبون بتبني حلول ممكنة وقابلة للتطبيق، والشروع في التنفيذ؛ وإلا ما معنى أن تكون وزيرا صاحب ولاية أو رئيس جامعة يطالب باستقلالية الجامعات!
منسق المبادرة النيابية الدكتور مصطفى حمارنة، يأخذ الموضوع على محمل الجد. وهو أكاديمي يعاين المأساة في الجامعات عن قرب، ويسعى عبر اللوبي النيابي الذي عمل على تشكيله منذ أشهر، على خلق قوة برلمانية ضاغطة للسير في عملية الإصلاح على جميع المستويات، عبر آلية تشاركية مع الحكومة، تقوم على تقديم برامج وتصورات عملية قابلة للتنفيذ بعيدا عن الصراخ تحت القبة.
والمفترض أن يخرج الملتقى بخطة عملية لإصلاح التعليم العالي مدعومة من 24 نائبا، مما لا يترك عذرا أمام الحكومة للتردد في تنفيذها.
إننا أما محاولة جديدة مخلصة لمشاركة الدولة همها، وقد تكون المحاولة الأخيرة؛ فإذا لم نشرع في تصويب الحال المتردية، فإننا قد لا نجد فرصة للإصلاح في المستقبل، وسنخسر إلى الأبد. خسارة المؤسسة التعليمية تعني فشل الإصلاح كله.

الغد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.