صحيفة الكترونية اردنية شاملة

السياسة المالية وتحفيز النمو

0

السياسة المالية أحد اهم اللاعبين في الاقتصاد، خصوصا في الدول النامية المتصفة بعدم نضج القطاع الخاص من جهة، وعدم وصول الاقتصاد الى الاستغلال الامثل من جهة اخرى.

بذلك، يضحي من الاهمية بمكان ان ترسم الحكومة خطتها المالية بما يتسق واهداف الاقتصاد الكلي واهمها تحقيق أفضل نسب النمو في الناتج المحلي الاجمالي.

تزيد اهمية السياسة المالية في الاردن نظرا لان الاقتصاد يواجه نسب نمو اقل من المعدل التاريخي، فيما الحكومة تحاول تقليص عجزها الى المستويات الامنة.

صندوق النقد الدولي يعترف بالتحدي الاردني على هذا الصعيد، و يدعوا بالتالي الى التدرج في التقشف الحكومي بغية السماح للاقتصاد بالتنفس و النمو.

بيد ان الدراسات الدولية والتجارب العالمية توحي بأن التدرج ليس كافيا للتعامل مع معدلات النمو الاقتصادي، بل ان رسم السياسة المالية حتى في ظل التقشف يلعب دورا اساسيا في نسب ومعدلات هذا النمو.

وبمعنى ان خارطة التقشف تؤثر في مخرجات السياسة المالية على النمو الاقتصادي، خاصة من حيث توزيع التقشف ما بين رفع الايرادات او تخفيض الانفاق.

من هنا، كانت محاولة الوصول الى الخليط المثالي بين تخفيض الانفاق و رفع الايرادات محط دراسة عدد كبير من الدراسات الاكاديمية و العملية في السنوات الماضية.

أما اهم النتائج المستخلصة من تلك الدراسات فجاءت لصالح استخدام سلاح الايرادات أكثر من تخفيض الاتفاق اذا ما كان النمو الاقتصادي بحاجة الى دفع و تحفيز.

كذلك، وعلى مستوى رفع الايرادات، وجدت ذات الدراسات ان التركيز على الضرائب المباشرة (ضرائب دخل الافراد والشركات) اقل ضغطا على النمو الاقتصادي من الضرائب غير المباشرة (ضرائب المبيعات والرسوم الجمركية).

المنطق وراء الاستنتاجات السابقة ان الضرائب المباشرة تعمل على اعادة توزيع مكتسبات النمو وتستهدف الفئات الغنية والشركات الرابحة، وبالتالي تقلص من غياب العدالة وتمنح الطبقات المتوسطة و الفقيرة قدرة اكبر على الانفاق و الاقتراض و بالتالي على دفع معدلات النمو الاقتصادي.

اما الضرائب غير المباشرة وتخفيض الانفاق، فأسلحة تمس الطبقات المتوسطة و الفقيرة بشكل مباشر و هي طبقات في طبيعتها حساسة جدا بسبب محدودية دخلها، مما يؤثر سلبا على انفاقها و اسهامها في معدلات النمو الاقتصادي.

لم نأتي هنا على ذكر الطبقات الغنية، حيث انها تنفق بنفس المعدل و بدون حساسية للدورة الاقتصادية، و بمعنى ان الضريبة الاضافية و تخفيض الانفاق لن يحدا جوهريا من معدلات انفاقها و استهلاكها.

في الأردن، وعلى النقيض الاستنتاجات السابقة، يركز التقشف على تخفيض الانفاق وفرض الضرائب غير المباشرة.

بل ان التهرب من الضرائب المباشرة واهمها الدخل يبلغ 800 مليون دينار سنويا، فيما الاعفاء الضريبي يشمل الدخل المترتب على الارباح الرأسمالية على العقار والأسهم، و فيما تحظى فائدة الودائع بمعدلات ضريبة دخل مخفضة لا تزيد عن 5 بالمئة.

الاعتماد على تخفيض النفقات الرأسمالية والاجتماعية بالترافق مع الاعتماد على ضريبة المبيعات أكثر من ضريبة الدخل، ممارسات مضرة بالنمو وتحتاج بالتالي الى اعادة النظر من مراكز صنع القرار.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.