صحيفة الكترونية اردنية شاملة

المُباحثات الأخيرة مع الصَندوق

المفاوضات مُستمرة مع الصندوق للوصول إلى تفاهمات جديدة حول برنامج الإصلاح المُقبل الذي كما أكّد وزير الماليّة انه لا رسوم ولا ضرائب جديدة فيه، وعنوانه الرئيسيّ: نحو استعادة النُمُوّ، خاصة وأن الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة للوصول إلى شكل البرنامج.

أنهت بِعثة صندوق النقد الدوليَ الأسبوع الماضي مُباحثاتها مع الحُكومة حول آخر المُستجدات والتطورات الاقتصاديّة التي شَهدها الاقتصاد الوطنيّ الذي تعرضَ لِجملةٍ كبيرةٍ من التحدّيات الضاغطة على خزينته رُغم سيره في تنفيذ بنود الإصلاح الاقتصاديّ المُتفق عليه مع الصَندوق والذي تمثل أساساً في تراجعِ الإيرادات الضريبيّة خاصة في النصف الأول من العام الجاريّ، مًتزامناً مع ارتفاع اضطراريّ للنفقات.

الجديد في مباحثاتِ الصَندوق أن هذه المفاوضات كانت تسير بشكل واضح تحت عنوان حكوميّ واضح “لا مغامرات ماليّة على حساب الاستقرار العام في البلاد”.

هذا العنوان جاء هذه المرّة بتفهم الطاقم التفاوضيّ الحكوميّ خاصة من وزير الماليّة الدكتور محمد العسعس في أن المرحلة الراهنة التي يمرّ بها الاقتصاد لا تستحمل أيّة إجراءات ماليّة جدية لِمواجهة عجز الموازنة، فالأمر بعد برنامجين مع الصندوق يتطلب المُراجعة الحثيثة لكيفية توجيه عمليات الإصلاح الهيكليّ نحو التحفيز الاقتصاديّ، واستعادة وَتيرة النُمُوّ الاقتصاديّ لِمُواجهة تحدّيات البطالة والفقر، وإعادة الروح الإيجابيّة للأنشطة الإنتاجيّة المُختلفة.

التوجّه الجديد في مفاوضات الحُكومة مع الصندوق كان مُركّز على ثوابت رئيسيّة ومتفق عليها، وهي ما جعلت بعثة الصندوق تتفهم مُعطيات طرح وزير الماليّة الدكتور العسعس الذي كانت رسائله واضحة للصندوق، لاسيما ان هذه المرحلة تتطلب المُشاركة في وضع التصورات الكفيلة باتجاه النُمُوّ، مع استمرار تنفيذ الإصلاح الاقتصاديّ على كافة المستويات وتنفيذ المصفوفة الإصلاحيّة مع البنك الدوليّ، وتوجيه المُعالجات الاقتصاديّة نحو خلق الوظائف، فالمرحلة الراهنة لا تحتمل مزيد من الإجراءات التي قد يكون لها عواقب مُختلفة، خاصة عندما تنظر البعثة لِما فعله الأردن في السنوات الأخيرة وتقارنه بما يحدث في الجوار من عدم استقرار اقتصاديّ وشعبيّ، فالبعثة الحاليّة ممثلة برئيسها الجديد على اشد الاطلاع ببرامج الصندوق في كُلّ من مصر ولبنان.

المفاوضات الأوليّة مع بعثة الصندوق تركّزت على كيفية الوصول إلى برنامج هيكليّ قادر على النهوض بالنُمُوّ ومعالجة التحدّيات في تراجع الإيرادات من خلال تحسين وتطوير الإدارة الضريبيّة ومحاربة فاعلة للتهرّب الضريبيّ الذي مازال يُشكّل تحدّياً كبيرًا في مواجهته، إلا أن الحُكومة مصرّة على مواجهته، وقد أسفرت إجراءاتها في تحسن الإيرادات الضريبيّة بعد شهر تموز الماضي بشكل ملموس، لكن يبقى التحديّ في استمرارية ذات النهج في محاربته دون توقف.

الحُكومة مصرّة هذه المرّة ومن خلال البرنامج الجديد مع الصندوق على معالجة الاختلالات الهيكليّة في الاقتصاد، ودفع عجلة النُمُوّ وفتح ملف الطاقة باتجاه تخفيض كُلّف الإنتاج، لرفع تنافسيّة بيئة الأعمال المحليّة ورفع جاذبيتها ودعم القطاعات الإنتاجيّة بشكل واضح في رفع قدرتها الإنتاجيّة ومن ثم التصديريّة.

الحُكومة استبقت مفاوضاتها مع الصندوق بتعديلات جوهرية على قانون الشراكة وأرسلته للنوّاب لإقراره في الدورة الحاليّة، ليعطي دفعة قوية للمشاريع الرأسماليّة التي سيتم إدراجها بمشروع قانون موازنة ٢٠٢٠، والتي سيتم إعداد مصفوفة كاملة من المشاريع ذات القيمة المضافة العالية على الاقتصاد والعمل على تنفيذها وفق قانون الشراكة والتي ستكون بإشراف مباشر من رئيس الوزراء حسب التعديلات.

المفاوضات هذه المرّة لم تغفل الأبعاد الاجتماعيّة لعملية التصحيح الاقتصاديّ من خلال تأكيد الحُكومة على تعزيز الأمن الاجتماعيّ ومخصصات الدعم في الموازنة وإعادة تبويبها بشكل يعظم الاستفادة لمستحقيها بشكل سليم وفاعل.

المفاوضات مُستمرة مع الصندوق للوصول إلى تفاهمات جديدة حول برنامج الإصلاح المُقبل الذي كما أكّد وزير الماليّة انه لا رسوم ولا ضرائب جديدة فيه، وعنوانه الرئيسيّ: نحو استعادة النُمُوّ، خاصة وأن الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة للوصول إلى شكل البرنامج.

[email protected]

التعليقات مغلقة.