صحيفة الكترونية اردنية شاملة

رجال الصف الثاني…

كانت مفاجأة سميح كبيرة عندما تم تعيينة مديراً عاماً للشركة التي يعمل فيها، لم يكن يحلم أبداً بهذا المنصب، مديراً عاماً مرة واحدة؟! كان هذا لسان حاله…

كان “سميح زياد” أحد الموظفين الذين يعملون في إحدى الشركات منذ أكثر من عشرين سنة وكان من المهمشين دوماً فلا – ظهر له- كما يقولون، ومؤهلاته محدودة وكذلك لم يكن يتمتع بقوة الشخصية، فكان دائماً يعمل كما هم رجال الظل فلم يكن يتصدر المشهد أبداً ولم يكن يرشح نفسه إطلاقاً لأي منصب لعلمه المسبق بعدم قدرته على القيام بأعباء تلك الوظيفة، ويقينه أيضاً بعدم نجاحه في اجتياز مراحل التعيين!!

استلم “سميح زياد” مهماته الجديدة مديراً عاماً لتلك الشركة. نظر إلى الكرسي طويلاً… كان متردداً في الجلوس عليه لم يكن يمتلك من الجرأة ما يمكنه من ذلك!! بل أن رجليه قد خاتناه بالتقدم بإتجاه ذلك الكرسي!!

انتظر حين خروج مديرة المكتب والآخرين من مكتبه أغلق الباب وأعاد التأمل في الكرسي، ياألله!! أنا أجلس هنا… كم كنت أتمنى أن أنظفك فقط وليس أن أجلس عليك!! كنت أحلم بأخذ صورة قريبة منك!! معقول؟!! كم أنا محظوظ!!

شعور غريب راود سميع مختلط ما بين السعادة والمفاجأة والخوف… كان يخاف أن يكون قد تم تعيينه بالخطأ… وأن يتم الإستغناء عنه سريعاً وكان يخاف من مكر الآخرين والطامعين بالمنصب ممن حوله ومن زملائه الأجدر منه وهو يعلم أن هناك من هو أجدر منه لهذا المنصب وكان يخاف من الحسد والعين… بل أنه كان يخاف من أن يقوم من على كرسيه وأن لا يعود له… بل كان يتمنى أن ينام محتضناً ذلك الكرسي…

فكر سميح كثيراً وبدأ يخطط لكيفية المحافظة على موقعه بالعمل فكانت المشورة والرأي بأنك يا سميح يجب أن تتخلص من كل منافسيك وكل الطامعين بمنصبك…

وبالفعل هذا ما كان فبدأ صاحبنا بإقصاء المنافسين واحداً تلو الآخر وبدأ بحرب شعواء على كل من هم أجدر منه فهذا ينقله إلى قسم آخر وذلك ينهي عقده بعد إيجاد مبرر قانوني لذلك وتلك يحجمها ويستثيرها لتترك العمل… وبعد عدة شهور جلس صاحبنا على كرسيه وقد اعترته نشوة الانتصار فها هو قد قضـى على أعدائه وأصبح الأجدر بهذا الكرسي… وأثناء ذلك خطرت على باله فكرة أخرى، ولكن ماذا لو كان من الموظفين الآخرين من الموجودين الآن من هو طامع بمنصبي أو مكاني أولديه طموح بذلك!! بدأ يشعر بالقلق والتوتر وسيطرت الفكرة عليه وقرر عمل دراسة تشخيصية لجميع الموظفين وفرزهم ومن ثم التخلص من جميع الكفاءات وجميع من يملكون الخبرات وإبعادهم إلى أماكن آخرى…

كان جميع من في الشركة يستهجن عمل هذا المدير بل ويسيتسخف قراراته، وكان وضع الشركة يسير من سيء لأسوء، مستوى الفعالية يقل والإنتاج يتناقص وصاحبنا همه الأوحد أنه مسيطر على الكرسي!!.

همس أحد أصدقائه في أذنه: “سميح عليك أن تركز في العمل وتطويره وليس فقط في محاربة أعدائك فنجاح عملك يقضي على أعدائك أصلاً”

لا عليك… لا عليك، كل شيء محسوب حسابه… كانت هذه إجابته على الدوام!!.

قلق صاحبنا على كرسيه استمر معه طيله الوقت وفي الليل والنهار فتارة يقلق من مؤامرة من الموظفين الذين يعملون معه وتارة يقلق من مؤامرة يحيكها مدراء الشركات أخرى… صراع ساد كل أوقاته فلا هو استمتع في منصبه ولا ترك المجال لشخص آخر لينجز بالعامل ويطوره ويسمو بالمؤسسة.

وفي كل صباح يستيقظ صاحبنا من نومه مسرعاً نحو مؤسسته وهمه الوحيد هو الوصول إلى مكتبه ليتربع على كرسيه وليتابع آخر ما توصل إليه أعدائه من مؤامرات وخطط وحيل ليقوم هو بعمل مضاد لذلك وهكذا مرت الأيام وشاخ صاحبنا مبكراً وشاخت معه شركته التي انهارت إنهياراً تاماً وكان هم صاحبا الوحيد هو: ماذا سيقول عني مدراء الشركات الآخرى، وكيف سينظر لي العاملون عندي!!!

انتهت قصة صاحبنا التي نشاهدها يومياً في حياتنا فكم من سميح واجهت في حياتك وكم من سميح ستواجه في أيامك القادمة!!.

التعليقات مغلقة.