صحيفة الكترونية اردنية شاملة

النمو.. أين الخلل؟

نعم، القطاعات التي نمت لم يكن لها ذلك التأثير الإيجابي في اتجاهات النمو، بسبب غياب النمو الموازي في التدفقات الاستثمارية الأجنبية، وهذا يجيب عن تساؤل أين الخلل في النمو ما دام هناك زيادة في نشاط عدد كبير من القطاعات؟

ما تزال قصة تباطؤ النمو الاقتصادي وعدم تجاوبه مع كل الإجراءات التي قامت بها الحكومة منذ العام الماضي تلقي بظلها على المشهد الاقتصادي، فهناك فجوة كبيرة في التجاوب بين السياسات والإجراءات التي اتبعت، وبين ما تحقق فعلاً على أرض الواقع.

فالنمو الاقتصادي المتحقق في الربع الثالث (1.9 بالمائة)، هو استمرار بالنهج ذاته المستمر منذ العام 2009 ولغاية يومنا هذا.

لكن الغريب في نتائج النمو الأخيرة أنها جاءت بالتزامن مع نتائج إيجابية حققتها الكثير من القطاعات الاقتصادية، لكن الترابط بين نمو هذه القطاعات ونتائج النمو الاقتصادي شبه مفقود.

نعم هناك نمو إيجابي في قطاعات مهمة، فالدخل السياحي ارتفع بنسبة 9.9 بالمائة خلال الأشهر الأحد عشر الأولى من العام 2019 ليبلغ 3.799 مليار دينار مقارنة مع ارتفاع نسبته 13 بالمائة خلال الفترة المقابلة من العام 2018، ورغم ذلك لا يؤثر على إجمالي النمو.

وحوالات الأردنيين العاملين بالخارج ارتفعت هي الأخرى بنسبة 1.4 بالمائة خلال الأشهر الأحد عشر الأولى من العام 2019 لتبلغ 2,405.1 مليون دينار مقارنة مع انخفاض نسبته 1.4 بالمائة خلال الفترة المقابلة من العام 2018، ومع ذلك لا يؤثر في النمو.

والصادرات الوطنية ارتفعت أيضا بنسبة 8.2 بالمائة خلال الأشهر العشرة الأولى من العام 2019 لتبلغ 4.136 مليار دينار مقارنة مع ارتفاع نسبته 4 بالمائة خلال الفترة المقابلة من العام 2018، وأيضا بدون تجاوب مع النمو.

حتى المستوردات انخفضت بنسبة 5.5 بالمائة خلال الأشهر العشرة الأولى من العام 2019 لتبلغ 11.274 مليار دينار مقارنة مع ثباتها خلال الفترة المقابلة من العام 2018، كما انخفض العجز التجاري بنسبة 14 بالمائة خلال الأشهر العشرة الأولى من العام 2019 ليبلغ 6.392 مليار دينار مقابل عجز مقداره 7.436 مليار دينار (1.4 بالمائة) خلال الفترة نفسها المقابلة من العام الماضي.

أما بالنسبة للاحتياطيات الأجنبية من العملات، فقد بلغ إجمالي رصيدها ما مقداره 14.2 مليار دولار، مرتفعاً بمقدار 849 مليون دولار عن نهاية العام 2018، وهي تكفي لتغطية 7.6 أشهر من مستوردات المملكة من السلع والخدمات، ومع ذلك لم يتأثر النمو، كما ارتفع رصيد إجمالي الودائع لدى البنوك في نهاية شهر تشرين الثاني(نوفمبر) 2019 بنسبة 3.8 بالمائة ليصل إلى 35.1 مليار دينار، واستحوذت الزيادة في ودائع الدينار على 96.7 بالمائة من إجمالي الزيادة في الودائع والبالغة 1281.2 مليون دينار، في حين نما إجمالي التسهيلات خلال شهر تشرين الثاني (نوفمبر) 2019 بنسبة 3.9 بالمائة ليصل رصيدها إلى 27.1 مليار دينار منها 24 مليار دينار منحت للقطاع الخاص (الذي نما بنسبة 4.4 بالمائة عن نهاية العام 2018).

المؤشرات السابقة تدل على أن النمو حاصل في الكثير من القطاعات والمؤشرات الاقتصادية، لكن ما يزال النمو الاقتصادي الإجمالي ضعيفا للغاية، فأين الخلل؟

إذا ما تتبعنا حركة النمو الاقتصادي في العقدين الماضيين، سنجد ذروة النمو كانت خلال الفترة (2003-2007)، والتي كان النمو فيها يتراوح بين (6 و7 بالمائة)، وهي الفترة ذاتها التي انتعشت فيها عمليات التخاصية في المملكة والتي استطاعت جذب الكثير من المستثمرين إليها سواء أكانوا أجانب أم محليين، مما جعل التدفقات الاستثمارية الأجنبية في أعلى مستوياتها، وشكلت دعماً رئيسياً لإجمالي النمو الاقتصادي، وقد تراجعت هذه التدفقات الاستثمارية الأجنبية تحديداً بأكثر من 35 بالمائة حتى الربع الثالث من العام الماضي، علماً أنه في العام 2018 تراجعت التدفقات بأكثر من 52 بالمائة عن العام 2017.

نعم، القطاعات التي نمت لم يكن لها ذلك التأثير الإيجابي في اتجاهات النمو، بسبب غياب النمو الموازي في التدفقات الاستثمارية الأجنبية، وهذا يجيب عن تساؤل أين الخلل في النمو ما دام هناك زيادة في نشاط عدد كبير من القطاعات؟

[email protected]

(نقلاً عن الغد)‎

التعليقات مغلقة.