صحيفة الكترونية اردنية شاملة

استباقية “المركزي”

دخول البنك المركزي على خط معالجة الأزمة التي يعاني منها الاقتصاد الأردني من جراء تداعيات الكورونا يبعث على الاطمئنان في الشارع والجهات المختلفة تحديدا من القطاع الخاص

كعادته، استبق البنك المركزي كل مؤسسات الدولة في تدارك تداعيات “كورونا” على الاقتصاد الوطني بإطلاق حزمة كاملة من الإجراءات التي تهدف أولا وأخيرا إلى حماية القطاعات الاقتصادية المختلفة وضمان استمرارية العمل الإنتاجي على مختلف المستويات.

حزمة البنك المركزي بهذا الحجم والتوقيت لها مدلولات اقتصادية عدة تبعث على الارتياح رغم قساوة المشهد الاقتصادي العام في البلاد وحالة الضبابية وعدم اليقين التي تسود المشهد.

الحزمة تناولت معا المواطن والقطاعات الاقتصادية المتضررين من تداعيات كورونا السلبية التي طالت الجميع بلا استثناء، فتأجيل الأقساط والتسهيلات الممنوحة للأفراد والشركات خطوة اقتصادية وقائية لمساعدة المتضررين من تحمل أي أعباء في ظل تراجع الإنتاجية الناتج عن تباطؤ الاقتصاد، وإعطائهم فرصة لترتيب أوراقهم لحين زوال الغمة التي تعصف بالعالم والتي لا يعلم احد متى موعد انتهائها.

المرونة التي دعا اليها المركزي البنوك المختلفة تجاه عملائهم ضمن برنامج متكامل يمتد طيلة العام 2020 مؤشر مهم وقوي على القوة والمتانة التي يتمتع بها الجهاز المصرفي الأردني وملاءته المالية وقدرته على مواجهة التحديات، وتحمله مسؤولياته الوطنية في ظل الظروف الصعبة والتحديات الجسيمة التي يتعرض لها الاقتصاد الوطني.

مشكلة السيولة التي دائما تواجه القطاع الخاص الباحث عن التسهيلات كان للبنك المركزي رأي حاسم فيها من خلال حزمة القرارات الأخيرة التي تضمنت ضخ سيولة إضافية للبنوك بمبلغ 550 مليون دينار من خلال خطوة ذكية عن طريق تخفيض نسبة الاحتياطي الإلزامي من 7 بالمائة إلى 5 بالمائة، وهذا إجراء يضمن حجم تسهيلات جديدا للمصارف الأردنية باستطاعتها إقراضه للقطاع الخاص من جهة وبأسعار فائدة مخفضة، وتخفيف الكلف على البنوك من جهة أخرى.

الخطوة الأكثر عمقا في الجانب الاقتصادي كانت من خلال تخفيض كلف تمويل برنامج البنك المركزي لتمويل ودعم القطاعات الاقتصادية التنموية على التسهيلات القائمة والمستقبلية بحيث منح تخفيض مُجدٍ لأسعار الفائدة في البرنامج لتصبح 1 بالمائة بدلا من 1.75 بالمائة للمشاريع داخل محافظة العاصمة و0.5 بالمائة بدلا من 1.0 بالمائة للمشاريع في باقي المحافظات، مع زيادة الآجال المتاحة للسلف ولكافة القطاعات المستهدفة في البرنامج داخل العاصمة وتوحيدها مع باقي المحافظات لتصبح 10 سنوات، من ضمنها سنتان فترة سماح لمن يرغب، رفع سقف السلف لجميع القطاعات ليصبح 3 ملايين دينار مع الإبقاء على السقف لقطاعي الطاقة المتجددة والنقل عند 4 ملايين دينار.

ولأول مرة وفي خطوة استباقية مهمة تدعم قطاع الصادرات وتشجعه وتقدم له حوافز مباشرة شملت حزمة المركزي الأخيرة القطاع التصديري ضمن البرنامج التمويلي في البنك (علما بأن القطاعات المشمولة حاليا هي الصناعة والسياحة والزراعة والطاقة المتجددة وتكنولوجيا المعلومات والنقل والصحة والتعليم التقني والفني والمهني والاستشارات الهندسية).

البنك المركزي مارس افضل الممارسات الفعلية في السياسة النقدية، وجعل منها بفضل إدارته الرشيدة سياسة نقدية مرنة قادرة على التجاوب مع التحديات المختلفة ولعب دورا أساسيا في تحقيق الاستقرار الوطني وحمايته من أي اهتزازات مختلفة.

دخول البنك المركزي على خط معالجة الأزمة التي يعاني منها الاقتصاد الأردني من جراء تداعيات الكورونا يبعث على الاطمئنان في الشارع والجهات المختلفة تحديدا من القطاع الخاص، نظرا للخبرة التراكمية الإيجابية في الإجراءات التي اتبعها في السنوات الماضية والتي كان لها الأثر البالغ في حمايته وإنقاذه من نفق مظلم.

 

[email protected]

(نقلاً عن الغد)

التعليقات مغلقة.