صحيفة الكترونية اردنية شاملة

عبده لديك لا خوف عليك

كلفتني إدارة الشركة التي أعمل بها بأن أقوم بزيارة مجموعة من الشركات الأخرى لتقديم عرض سعر لهم وشرح عن طبيعة العمل الذي تقوم به شركتنا، وللأسف أوكل المدير لي مهمة التنسيق مع قسم الموارد البشرية في كل تلك الشركات وزودني بأوراق شركتنا وقال لي: انطلق ولك حوافز!! ولكن يا سعادة المدير أنا لا أعرف أشخاصاً هناك!!
– يا رجل اعصر مخك ولحلح حالك واتعرف لا زم تجيب الـ(Target)…
وعندها عدت لمنزلي وبدأت اقلب ذاكرتي مين عنده واسطات وبيعرف ناس ما إلي إلا أبو العريف “سفيان” ما في غيره أمسكت التلفون وطلبت صديقي سفيان…
– سفيان…
– هلا بالغالي
– معلم بدي منك طلب صغير…
– أؤمر
– بدي أسماء مدراء شركات معينة أو مدراء (HR) لحتى أقدملهم عرض سعر عن الشركة اللي اشتغلت فيها ..
– ابشر، مين هي الشركات!!
وبدأت بسرد الأسماء التي أريدها وهنا قال لي سفيان:
– خلينا نعمل جدول كل يوم 3 شركات
– على بركة الله!!
– دعنا نختار أول ثلاث شركات … حظك حلو يا أزعر هاي الشركة بعرف أهم شخص فيها…
– بالله عليك ياما أنت كريم يا رب
– آه والله الشخص اللي كلهم بدهم إياه وبترجوه وإذا زعل من واحد غضب الله بينزل عليه، بتعرف يمكن هاي الشركة لحالها تكفيك…
– جد، الله عليك!! دايماً بتفاجئني
– طيب يا سيدي بتروح على هاي الشركة وبتسأل عن السيد عبدالله الباشا
– يا رجل والله إسمه هيبة
– لا تنسى عبدالله الباشا وقبلها كلمة السيد…
– بنسى اسمي ولا بنساه…
– وبتحكيله أنا من طرف سفيان واعتبر موضوعك منتهي….
– الله يبارك فيك، طيب ممكن سؤال !!!
– تفضل!!
– هو عبدالله الباشا شو بشتغل!
– يا رجل اسمه السيد عبدالله الباشا لا تنسى وبعدين هو أهم واحد بالشركة حكيتلك!!
– يعني مدير عام؟
– لأ ، أهم.
– مدير (HR) !!
– لأ، أهم.
– مدير إداري ومالي!!
– لأ أهم أهم، وما تضلك تسأل إنت بس تروح بتعرف وزنه!!
– إن شاء الله خلص بكره من الصبح بروح مباشرة وربنا يسهل الأمور…
– بكرا أي ساعة بالزبط عشان بدي احكي معه احجزلك موعد لانه ما بشوف حد بدون موعد
– بكرا الصبح.
– أي ساعة بالزبط
– ع الساعة تسعه تسعه ونص
– شو تسعه تسعه ونص اسمع انا بحكي معه وبشوف متى بكون فاضي
– خلص تمام على وقت فراغه احجزلي موعد .
وفي اليوم التالي استيقظت مبكراً وأنا أكرر اسمه “الأستاذ عبدالله الباشا… الأستاذ عبدالله الباشا… الأستاذ.. لالا عفواً السيد عبدالله الباشا، السيد عبدالله الباشا، السيد عبدالله الباشا” وبالفعل لبست بدلتي السوداء والجرافه الحمراء وركبت السيارة متوجهاً إلى الشركة لأقابل السيد عبدالله الباشا بالموعد الذي حدده لي وهو الساعة الثامنة والعشرون دقيقة صباحاً… عل وعسى أن يكون الفرج على يديه…
وصلت إلى باب الشركة باكراً وانتظرت خارجها حتى جاء الموعد المحدد ودخلت أسأل عن السيد عبدالله الباشا للشخص الموجود على الباب فضحك كثيراً وقال مقهقهاً : السيد عبدالله الباشا من هنا، استفزني كثيراً ضحكه غير المبرر وذهبت حيثما أشار لأجد موظفة الإستقبال…
– لوسمحتِ أريد مقابلة السيد عبدالله الباشا… فلدي موعد معه..
– عبدالله الباشا، عبدالله الباشا، عبدالله الباشا!! لا يوجد لدينا موظف بهذا الإسم
– لا، إنه موجود أنا متأكد…
– وتنادي على زميلها… سمير، هل يوجد لدينا موظف اسمه السيد عبدالله الباشا…
– سمير ضاحكاً.. إنت مو عارفة مين السيد عبدالله الباشا…
– لأ!!
– عبده يا ستي عبده!
وتبدا بالضحك هي الأخرى وتنادي يا عبده، عبده!!
– انا مستغرباً.. مين عبده
– هو نفسه السيد عبدالله الباشا اللي حضرتك جاي تقابله بس إحنا بندلعه…
– أوك
ويدخل علينا شاب بسيط يحمل بيديه صينية الشاي وورق مناديل…
– نعم، نعم يا ستي فضحتينا لسه حايبلك قهوة قبل شوي أؤمري !!
– إلك ضيوف!
– أنا، أهلاً وسهلاً وين الضيوف؟!
– فقلت أنا يا سيد عبدالله أنا
– سيد عبدالله وضحك عبده يا رجل ما في داعي للتكليف بيننا احكيلي عبده بدون سيد واستمر بالضحك تفضل أؤمر..
– أنا جاييك من طرف سفيان…
– آه سفيان شو أخباره ، أجاه ولاد ولا لسه!!
– آه الحمد لله …
– والله يا أستاذ، هو أنت شو اسمك
– إسمي حمزة
– والله يا أستاذ حمزة ما خلّف إلا بفضل الله وفضل محسوبك، أعطيته وصفه والحمد لله الله جبر مع إنه قبلي راح على مية دكتور، بس يا عمي عند عمك عبده لكل مشكل حل…
– ممتاز يا عبده مشان هيك أنا جاييك اليوم، بدي أقدم عرض سعر لشركتكم وأشرحلكم عن الخدمات اللي بتقدمها الشركة اللي بشتغل فيها وحكالي سفيان ما إلك إلا عبده يوصلك ويوصي عليك فيا عبده بدي ياك تعرفني على (HR) وكلمتين حلوين منك حتى ياخد عرضنا….
– شوف يا سيدي، مع إني ما بحب الواسطة بس المشكلة أنا رح أتعاون معك لسببين الأول : إنه انت جاي من طرف شخص غالي، والثاني: إنه بلدنا هيك ماشية للأسف… ولا تنسى عبده لديك لا خوف عليك!
– يا حبيبي طيب وين أروح الان…
– شوف يا سيد حمزة إنت غلطت غلطتين، أولاً: ما لازم تقاطعني وأنا بحكي، وثانياً: أنا بعرف شو المناسب بالوقت المناسب يعني ما تستعجل على رزقك… ولا تنسى أن عبده لديك لا خوف عليك!
– طيب أنا آسف ما تزعل مني…
– لا يا سيد حمزة أنا ما بزعل منك لسببين أولاً: أنت ما بتعرف مين عبده يمكن لأنك شفتني حامل صينية قهوة استخفيت فيي وثانياً: أنا قلبي طيب وبسامح الجميع… ولا تنسى أن عبده لديك لا خوف عليك!
– لا طبعاً أكيد ما استخفيت فيك ما شاء الله عنك بالعكس الواحد بفتخر بالشباب الطموح اللي مثلك.
– شفت كيف إنك بكلامك بتتخوت وبتستخف شوف يا سيد حمزة إنت عملت شغلتين بزعجوا الأول: إنك تنمرت علي لأني بشتغل بالكافتيرا والثانية : إنك حاولت تعمل حالك متواضع وتواسيني.
– طيب والله أنا اسف
– لا ما بدي
– يا رجل خلص سامحني
– لا ما بدي
– بالله عليك خلص ما بدي منك إشي بس إنت كتير حساس وأنا مش قصدي اضايقك!
– شايف شايف تنمر وجرح مشاعر شغلتين مع بعض
– طيب ممكن أروح على الـ (HR) أو إذا بزعجك بغادر خلص
– لأ، لأ مش إذا انت ما كنت كويس معي معناته أنا أكون زيك أنا رح اقدملك خدمتي لآخر ما أستطيع لانه هاي هي رسالتي في الحياة…
– تمتمت في سري – يا الله شو مبالغ فيه هذا الرجل- …
– لا حول ولا قوة إلا بالله آه منكم بس شاطرين تتمسخروا على الناس ولما بدكم شغله بتصيروا زي التوتو!!
– والله أنا اسف اسف
– اسف مرتين!!
– طيب لو سمحت وين أروح هلا!!
– آه أنت بدك تقدم عرض سعر للموظفين وللشركة صح
– بالزبط
– طيب يعني إنت بدك الـ(HR)
– بالزبط
– اممممم
– وين أروح
– بصلتك محروقة…
وتحرك عبده نحوي وأمسكني من يدي وقال لي: امشي معي…
وبالفعل سرت معه كالطفل الذي يمسك بيد أمه وقادني حتى خرجنا من الشركة إلى الشارع ثم توقف وقال
– شايف المبنى الأزرق اللي قبالنا…
– نعم
– بتقطع الشارع وبتروح على هاي العمارة وبعدين بتطلع على الطابق الأول على الدرج وبعدين على الطابق الثاني وهيك للخامس …
– طيب ما في مصعد
– في، بس خربان، وبالطابق الخامس هناك بس توصل روح على اليمين وعد المكتب الأول لأ الثاني لأ والثالث لأ…
– والرابع لأ..
– لا يا أخي ، الرابع آه… الرابع آه … يا اخي أنت دايماً مستعجل أولاً، وثانياً: أنت بصلتك محروقة….
– طيب كمل سيد عبده…
– بتدخل على المكتب الرابع وبتشوف بوجهك شب قاعد على الباب إسأله عن الـ (HR) وهو بيدلك، كيف عمك عبده معك!!
– يعني أنا مثلاً لو رحت على الشركة بدونك كنت رح أسأل عن دورة المياه مثلاً…ما أنا أكيد رح أسأل عن (HR) طيب أحكيلك شغلتين…
– تفضل
– أولاً: أنا أشكرك جداً جداً جداً جزيلاً على تعاونك…
– لا شكر على واجب احنا بنحب نخدم الوجوه الطيبة..
– ثانياً: والله لأموتك موت… يا….. ولك ضيعت نهاري وأنت بتنظر علي وبالآخر بتقولي روح اسأل عن الـ(HR) والله لأموتك أنت وسفيان ويهرب عبده وأنا أطارده بين السيارات
– وهو يصرخ ويقول : أنت لو بس تعطيني فرصتين : فرصة مشان أوضحلك وفرصة مشان أهرب!!!
تابعت ملاحقتي لعبده في الشوارع المكتظة بالسيارات وسؤالين كانا يدوران في ذهني….
الأول : هو حكا بالطابق الخامس أروح على اليمين ولا شمال!!
والثاني: هو أنا ليش جيت هون أصلاً!!!

التعليقات مغلقة.