صحيفة الكترونية اردنية شاملة

التقدم العلمي غير الصورة النمطية للأمومة المتأخرة

0

يبدو أن النساء في سن الثلاثين والأربعين أو أكبر بقليل لا يعرن التحذيرات أي اهتمام، بل إن من المرجح أن ترتفع وتيرة هذه الولادات على نحو متزايد. إلى هذا، تشير الباحثة الأميركية روبن نيومان؛ مؤسسة الموقع المعلوماتي “الأمومة المتأخرة”، إلى أن الموقع ومنذ تأسيسه العام 2005 ما زال يستقبل العديد من الرسائل والاستفسارات من نساء في أواخر الثلاثينات من أعمارهن، يتوقعن أن يرزقن بطفلهن الأول وينشدن بعض النصائح والدعم والاستشارات.

من جانبها، ترى الدكتورة سوزان نيومان؛ وهي اختصاصية أميركية في علم النفس الاجتماعي مهتمة بالشؤون الأسرية، أن التقدم العلمي أتاح الفرصة للنساء لاتخاذ قرار الحمل في سن متقدمة نوعا ما بفضل وجود خيارات متعددة منها؛ تقنية تجميد البويضات والتبرع بها من قبل بعض السيدات المانحات ووسائل زيادة الخصوبة والآليات التي تتوافر على خدمات مختلفة لحماية الأم والجنين ومتابعة مراحل الحمل بتقنيات متطورة، الأمر الذي وفر “غطاء آمنا” للسيدات الراغبات في تأجيل الحمل حتى يشعرن باستعداد نفسي وجسدي كامل.

وتعتقد نيومان بأن تأخير سن الإنجاب قد يعود بفوائد متعددة على الأم والأب، ولعل أهمها إمكانية التفرغ للعمل وتأمين مستقبل وظيفي ومادي مستقر حتى يحين الوقت المناسب لاستقبال الأطفال، من ناحية أخرى تتساءل الباحثة عن الفوائد الممكنة التي يجنيها أطفال الأمهات الأكبر سنا.

في السنوات الأخيرة، أشارت دراسات عدة إلى أن الصورة النمطية السلبية للأمومة المتأخرة قد بدأت بالتضاؤل بفضل ظهور إيجابيات محسوسة وتسليط المزيد من الضوء على الفوائد التي يمكن أن يجنيها أطفال يولدون لنساء في مرحلة الأمومة المتأخرة، ومنها النتائج الإيجابية المتحققة على المدى الطويل؛ حيث أوجدت دراسة سويدية حديثة أن تأجيل الإنجاب بسبب ضمان فرص أكبر للعمل وجني المال، يرتبط إيجابيا وعلى المدى الطويل بتقدم الأطفال، المولودين لنساء كبيرات في السن نسبياً، أكاديميا وأداء أفضل في الاختبارات الدراسية الموحدة، إضافة إلى زيادة فرصهم لدخولهم الجامعة.

وأشار الباحث السويدي باركلي كي في الدراسة الموسومة بـ“الأمومة المتأخرة وعلاقتها بصحة وتعليم النسل”، إلى أنهم لم يجدوا في دراستهم أي دلالة إحصائية تشير إلى أن أطفال الأمهات الأكبر سنا قد واجهوا أي صعوبات صحية أو دراسية، مقارنة بالأطفال الآخرين لأمهات شابات يعشن في بيئة اجتماعية واقتصادية متشابهة، بل على العكس من ذلك، إذ أكدت بعض الدراسات أن هؤلاء الأطفال يتفوقون على أقرانهم الذين ولدوا لأمهات في سن صغيرة في مجال اكتساب المهارات اللغوية المتقدمة.

في حين أشارت دراسة أميركية حديثة بحثت العلاقة بين الأمومة والأداء الأكاديمي للطفل، إلى أنه من المرجح أن الأمهات الأكبر سنا كن قضين وقتا أطول في التحصيل الدراسي، وهو ما عزز من خزين استخدامهن للمفردات اللغوية في التعامل مع أطفالهن في سن مبكرة.

وأشارت الباحثة جيسيكا هاردينغ في الدراسة التي نشرت نتائجها في مجلة “الأسرة والزواج”، إلى أن المهارات اللغوية تمثل عنصرا حاسما في تعزيز القدرة المعرفية للطفل، إضافة إلى أن الأمهات مع مستويات عالية من التعليم أفضل قدوة لأبنائهن وحافزا لتشجيعهم على مواصلة التحصيل الدراسي حتى أعلى مستوياته.

من جانب آخر، فإن الاستقرار المادي للأسرة والتعليم الرفيع للوالدين يحققان حافزا مباشرا للأطفال لتطوير مهارات جديدة والاهتمام بالقراءة واللعب البناء، إضافة إلى الدعم العاطفي الذي تحققه الأسرة التي تمتلك مثل هذه المقومات، وجاء ذلك في دراسة للباحثة الأميركية في جامعة ميتشيغان، باميلا ديفيس، بعنوان “تعليم الأبوين والدخل الأسري ودوره في تحصيل الطفل الدراسي”، حيث خرجت نتائج الدراسة بنتيجة مفادها أن التحصيل العلمي للأبوين يلعب دورا محوريا في تحقيق رفاهية الأبناء.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.