صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الكوليسترول السوري وشريان الأردن

0

بسقوط معبر نصيب السوري بأيدي قوات المعارضة السورية المسلحة يكون الشريان الاردني على البحر المتوسط قد أصيب بالانسداد تماما بفعل الكوليسترول الثورجي المتصاعد في الشقيقة سوريا , بشكل بات يضغط على شرايين دول الجوار , وكأن النظام السوري يحاول إدخال الجوار في معركته ولكن دفاعا عن مصالحه الداخلية – اي ان الازمة السورية الداخلية ستصبح شأنا داخليا لدول الجوار – وهذا اسلوب تقليدي نجح النظام السوري فيه طوال عمر قيادته للممانعة العربية , فكل اوراق سوريا السياسية التي منحتها منصب زعامة الممانعة عربية بإمتياز ولا يوجد فيها او منها ورقة سورية واحدة , فالموقف القومي الذي تبنته سوريا كان لخدمة ملفاتها الداخلية .

التطور على معبر نصيب السوري او حدود جابر الاردنية , جاء متزامنا مع اتهامات سورية للاردن بأنه خلف سقوط إدلب بيد المعارضة ومناوشات العصابة الداعشية في مخيم اليرموك , مما يفتح المجال للقول ان السقوط المباغت ضربة سورية للاردن اكثر منها نجاح لقوات المعارضة السورية , فقبل اسابيع قليلة كانت الخشية الاردنية من تواجد القوات السورية النظامية وانصارها الايرانية وحزب الله على الحدود الاردنية مع سورياـ ما افرز تحركات اردنية عسكرية تحسبا لهذه الخطوة اواسط اذار الماضي وسبق ذلك زيارة مكتومة النتائج لوزير الخارجية ناصر جودة الى طهران .

سوريا الرسمية استثمرت اوراق الاقليم بمهارة حد اللحظة مسنودة بدعم ايراني يتماهى مع سوريا في طريقة ادارة ازماته الداخلية بأوراق خارجية , وسوريا احدى هذه الاوراق الايرانية والتي بدورها تمسك بأوراق استثنائية , فحزب الله في لبنان بات القوة الابرز وحركتا حماس والجهاد الفلسطينتين تسيطران على نصف السلطة الوطنية الفلسطينية والحوثيون يمسكون بمعظم اليمن السعيد سابقا اضافة الى خواصر ايرانية في المنطقة الشرقية السعودية والبحرين , وقد اثمرت هذه الاوراق عن توقيع اتفاقية الاطار الايرانية مع الدول الغربية الست “ اعضاء مجلس الامن الدائمين الخمسة والمانيا “ .

سقوط معبر نصيب وقبله ادلب , يضع الاردن وتركيا في ازمة اكثر مما يضع النظام السوري الذي نجح في زرع قنابل بشرية متفجرة على حدود الجوار , فالدواعش في الرقة على حواف العراق والنصرة والجيش الحر على الحدود الاردنية والقاعدة على الحدود مع تركيا والكيان الصهيوني , ويمكن تفجير هذه القنابل في اي لحظة يترنح فيها النظام السوري وجيشه , مما يعني ان بقاء النظام مصلحة اقليمية , وقد استمعنا الى تصريحات خجولة من امريكا والغرب بذلك وسيتناقص الخجل مع توقيع الاتفاقية مع طهران اكثر واكثر وستدفع الدول العربية ثمن تراخيها وصمتها وانصياعها لارادة الغرب دون اوراق سياسية ضاغطة بل ودون مراعاة مصالحها القومية والقطرية .

اردنيا وحد اللحظة لا تمتلك الخارجية الاردنية اوراقا ديبلوماسية تحوز على خيال واسع للخروج من المأزق الضاغط على عصب الحياة الاقتصادية والاجتماعية بعد سقوط معبر نصيب وخسارة الشريان المؤدي الى البحر المتوسط الا الانفتاح اكثر على حكومة اليمين الصهيوني لاستخدام مرفأ حيفا وهذا بدوره خيار صادم على المستوى الوطني ومكلف على المستوى الاقتصادي , لأن الشاحنة ستضطر الى ركوب البحر للوصول الى تركيا واربيل وحتى طرطوس في ظرف يعاني الاقتصاد الأمرين , فالمعارضة السورية لا تملك حماية الشاحنات وعلى الفرض الساقط بحمايتها فإن الدولة السورية لن تقبل مرور الشاحنات بختم المعارضة من معبر نصيب وإمكانية ترتيب الامر مع الدولة السورية والمعارضة في ذات الوقت إقرب الى الاستحالة في الظرف الراهن .

المشهد الآن مغلق وفق نظرية لعبة الدومينو السياسية والمخارج محدودة وتحتاج الى خيال سياسي واسع الافق ومتعدد الاوراق ولا اخال وزارة الخارجية تمتلك الخيال اللازم , والرهان على القوات المسلحة والاجهزة الامنية لانتاج الحلول بحكم تجربتها السابقة وحوارتها المغلقة مع كل اطياف المعادلة السورية .

الدستور

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.