صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الحكومة والناس.. الشك والالتباس

0

بين الحكومة والناس علاقة حرجة ومريضة ومصابة بالشك.. الشك لا يحسن التعبير عن نفسه إلا بطريقته الملوثة بالكثير من عدم الاطمئنان والمواربة والقفز على الحبال والاختباء بين التفاصيل الصغيرة، الشك الذي هو ضد التسامح، حين يكون معنى التسامح ( الشك في أن الآخر قد يكون على حق )، وهكذا، وعلى مدار سنوات من أعمار الحكومات المتعاقبة، بنت كتلة كبيرة من هذا الشك المتماسك الذي يفصل بيننا وبين حكومتنا العتيدة.. وما بين تاء العتيدة ونون العنيدة نقطة واحدة فارقة تصنع جناساً تاماً بين الكلمتين.. ورغم ما بينهما من اختلاف في الدلالة إلا أنهما حين تجتمعان في شيء واحد تتعاضدان..

المسألة ليست بلاغية، إنها أهم وأخطر من ذلك، تتعلق بطبيعة الحياة في دولة تقوم العلاقة بين ركنيها الرئيسين على الشك والالتباس، وما يولدان من أعراض مرضية كثيرة، تحوِّل مفهوم العقد الاجتماعي الواحد بين الحاكم والمحكوم إلى عقود وصفقات..

السياسة الملتبسة والاقتصاد المشكوك فيه، لا يصنعان علاقة قادرة على الانتاج ولا يتمكنان من الوصول إلى صيغة سليمة للإصلاح والتطوير، والحجج والتبريرات التي تسوقها الحكومة للناس من أجل رفع أو تحرير أسعار البترول والكهرباء وغيرهما، حجج ضعيفة وتبريرات لا ثقة فيها، إنها تشبه الذئب الذي اخترعه عقل راعي الغنم البليد مرات كثيرة، وحين جاء الذئب الحقيقي صنع الشك والكذب حاجزا عاليا بينه وبين الناس.. وحين لا نريد أن نشك بأرقام الحكومة في الموازنات والحسابات والقرارات.. يسبق ذلك صناعة فائقة الجودة للثقة القوية بها، وهذا ما ينقصنا وينقصها.

في وقت ما، حين تكون الحكومة في ورطة حقيقية أو أزمة غالبة، هل ستتمكن من أن تثقب جدار الشك المسلح الذي بنته بينها وبين الناس..؟ عليها أن تحسب حساباً مشابهاً لحسابات هذه اللحظة المتوقعة، لا سيما ونحن في عصر الأزمات المتفاقمة والصراعات القابلة للتمدد والتوسع.. عصر الشك والالتباس المطلق.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.