صحيفة الكترونية اردنية شاملة

‘الليغو’ العراقي

0

بعد استعصاء طويل، وفيما يشبه لعبة الليغو ارتسمت الملامح الأولية للتركيبة الحكومية العراقية الجديدة برئاسة الرئيس المكلف حيدر العبادي.
ويصنف العبادي بأنه أقل تعصبا وطائفية من رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، كذلك هو أقل حسما وصرامة من سلفه، لكنه يشترك مع المالكي بأنه من قيادات الصف الثاني لحزب الدعوة، ومرجعيتهما السيستاني.
رغم الصعوبات والخلافات على كعكة المناصب الوزارية، ولاسيما السيادية منها، إلا ان الصورة تظهر “التهام” المكون الشيعي لمعظم المناصب السيادية، ولاسيما الداخلية والخارجية، والنفط.
والأسماء الأولية المتوقعة تشير إلى أن تشكيلة العبادي لم تختلف كثيرا عن حكومة المالكي، طالما أن التوزيع يقوم على معيار المحاصصة، بعيدا عن التفكير بشكل عميق يحقق المصالحة مع الطائفة المهمشة، وهم السنة.
يتزامن ذلك مع إعلان الرئيس العراقي فؤاد معصموم نوابه؛ وهم إياد علاوي عن القائمة الوطنية، وهو شخصية شيعية ليبرالية معني بدرجة كبيرة بالمصالحة الوطنية العراقية، ونوري المالكي (التلميذ العاقّ لمعصوم، الذي أشرف على رسالته في الدكتوراه)، فيما قام معصوم بالإطاحة بالمالكي عندما تمنّع عن تكليفه برئاسة الحكومة، وهو ما يطرح تساؤلات كبيرة عن مستقبل العلاقة بينهما!، إضافة إلى أسامة النجيفي، وهو سني يتزعم حركة المتحدون للاصلاح.
أما أسماء الوزراء، كما تسرّبها مصادر عراقية، فتتحدث عن ثلاثة نواب لرئيس الوزراء؛ هم زعيم المؤتمر الوطني والتحالف الشيعي أحمد الجلبي، إضافة الى هوشيار زيباري الكردي (وخريج الجامعة الأردنية)، وابن شقيقة مسعود البرزاني، إلى جانب نائب ثالث هو صالح المطلق، الذي يحتفظ بمنصبه الحالي ويمثل ائتلاف القوى الوطنية السنية.
التشكيلة الطائفية تفرض إيقاعها على مختلف المواقع، وكذلك على الحقائب السيادية التي ترشح معلومات تفيد بأن إبراهيم الجعفري سيتولى وزارة الخارجية.
أما وزارة الداخلية، والتي تعد من أهم الوزارات في العراق، فيتوقع أن يشغلها هادي العامري وهو ممثل منظمة بدر وبطل آمرلي كما يحلو للعراقيين وصفه، ويقال انه يملك الجنسية الإيرانية، وعلاقاته سلبية جدا مع المكونين السني والكردي، فيما سيشغل موقع وزارة الدفاع شخصية سنية لم تتضخ من هي بعد!.
للأكراد حضور في الحقائب الاقتصادية؛ إذ يتوقع أن يشغل موقع وزارة المالية برهم صالح أو نور روز شاويش فيما يتولى وزارة النفط د. عادل عبد المهدي، ممثل المجلس الإسلامي الأعلى الذي يتزعمه عمار الحكيم، كما تشير التوقعات إلى أن ميسون الدمالوشي الناطق الإعلامي لحركة القائمة الوطنية العراقية ستتولى حقيبة الثقافة وهي المقربة من إياد علاوي.
التشكيلة السابقة للحكومة والرئاسة العراقية ليست إلا محاولة للخروج من الأزمة، لكنها في الوقت ذاته تعبر عن انتكاسة كبيرة، ولا أحب أن أقول فشلا جديدا لمحاولة إخراج العراق من أزمته الطائفية، التي قادت إلى أسوأ تحالف في التاريخ بين سنتها وحركة داعش بسبب سياسات المالكي الطائفية والتي لا تشي القراءات الأولية أن تأتي الحكومة الحالية بأحسن منها.
حل مشكلة العراق العميقة يتطلب بداية تولي شخصيات علمانية تؤمن بالعراق وطنا، ولا ترى في المحاصصة حلا، إضافة الى ضرورة العمل على تعديل الدستور وبعض مواده الخلافية، خصوصا تلك المتعلقة بتوزيع المناصب وتوزيع إيرادات النفط والغاز.
كما يلعب تعديل قانون الأحزاب دورا أساسيا في إيجاد دولة مدنية ديمقراطية حقيقية في العراق، بدلا من الأحزاب الدينية، التي أوصلت العراق لهذه الشرذمة حتى بات يُخشى عليه من التقسيم.
أزمة سنة العراق وتحالفهم مع داعش هي ما أعاد أنظار العالم أجمع للالتفات إلى هذا البلد، بعد أن صار المكوّن السني حليفا لداعش الذي ينشغل العالم في كيفية التخلص منه، لمعرفة الجميع أنه يهدد الأمن الاقليمي للجميع.
الغد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.