صحيفة الكترونية اردنية شاملة

حرب الكراهية

0

لماذا يكرهوننا؟ السؤال الاكثر تداولا بعد احداث الحادي عشر من ايلول 2001 وتدمير برجي التجارة في نيويورك والنتيجة أن الإدارة الاميركية قادت حرباً كونيةً ثالثةً تحت (عنوان الحرب ضد الارهاب) أطلق عليها جورج بوش الثاني حرباً صليبية إستند فيها الى نظرية “صموئيل هنتغنتون” وصراع الحضارات وقاده غروره الى خطايا فظيعة وجرائم حرب في افغانستان والعراق وباكستان وغيرها, لا زال العالم يعاني من نتائجها حتى الآن.
في هذه اللحظة بالتحديد التي تنحاز فيها ادارة الولايات المتحدة الاميركية ليس إلى العصابة الصهيونية التي تحكم “إسرائيل” فقط وإنما الى الإجرام والإرهاب والمحرقة التي إستهدفت الحياة والطفولة وجميع المعاني الانسانية والمدنية والمقدسة من (مساجد ومدارس ومستشفيات واطباء ومسعفين ورجال الاطفاء والاعلام..) وبدورنا نسأل الادارة الاميركية لماذا تكرهوننا كل هذا الكره؟ وتحقدون علينا كل هذا الحقد؟ فشحنات السلاح والذخيرة وهي ادوات الجريمة استمرت بالتدفق من اميركا الى تل ابيب حتى أثناء العدوان والمجزرة، وتبجح الرئيس أوباما وتعهدة بضمان ورعاية الامن “الاسرائيلي” وتاكيده على سلخ القدس من هويتها العربية الاسلامية واعتبارها عاصمة ل “إسرائيل”, فضلاً عن تأمين الغطاء الدولي في مجلس الأمن ومؤسسات الأمم المتحدة والمحافل الدولية, كل ذلك من شانه أن يرفع منسوب الكراهية الى حد الاشباع.
إذا رغبتم ان تعرفوا سر الإحتضان الشعبي للمقاومة والتضامن الانساني العالمي معها؟ والذي تجلى بأبهى مظاهره فوزاً كاسحاً للرجل الطيب اردوغان وما تضمنه هذا الفوز من عِبر عميقة حيث كانت غزة والقدس وفلسطين اكبرَ الحاضرين فيها.
اللافت للنظر أنه ولأول مرة في تاريخ تركيا الحديثة اختفى الحضور العلماني عن المشهد الانتخابي وأنحسر التنافس بين مرشحين محسوبين على التيار الاسلامي فيما تعيش تركيا اليوم مرحلة ما بعد الحداثة المرتبطة باكتشاف الذات والتأسيس لعالم جديد بعد ان تأكد فشل الماضي في ادارة الحاضر ولم تعد معادلات الظلم وقواعد الطغيان تصلح للوجود او صياغة المستقبل.
إهداء اردوغان فوزه لغزة وللقدس ولفلسطين وقضايا الامة يؤشر الى ملامح النظام العالمي الجديد المتحرر من سطوة الظلم والاستعباد والفساد والاستبداد, وإذا اردت اميركا ان تعرف سبب العزلة التي بدأت تحاصر “إسرائيل” عالميا هذه المرة وفي قلب العواصم الغربية, وهي عزلة خانقة في طريقها لمحاصرة مصالح اميركا ايضا, إن كان الأمر يعنيكم فأسالوا انفسكم عن جرائمكم وارهابكم, وإن لم تفعلوا فغدا سيأتيكم بالاخبار والافعال من حيث لم تحتسبوا.
الحقيقة التي تحاولون إخفاءها ويزعجكم الاعتراف بها لا تحتاج الى مكابرة وهي أن”اسرائيل” وبعد الحرب الثالثة على غزة لم تعد قادرة على حماية نفسها وهي اعجز عن رعاية مصالحكم, وشرطي المنطقة الذي كان يؤدب الجميع بعصا اميركا الغليظة أصابته الشيخوخة وحاصره الهرم, ودوره الوظيفي تلاشى بفعل المتغير الاقليمي وانطلاق الدور الشعبي المؤثر, أما محاولة توزيع الادوار وتبديل المهمات فلم يعد نافعاً فما عجزت “إسرائيل” عن تحقيقه لا يمكن أن تقوى على فعله انظمة هرمة أصابها الخرف وتعاني من الزهايمر والارتجاف.
أبلغ رسالة تحملها حرب غزة والزلزال الناتج عنها, أن “إسرائيل” عبءٌ ثقيل يكسر ظهر من يحملها, ومن لم يدرك هذه النتيجة أو لم تكن هذه الجولة كافية لاقناعكم؟ فانتظروا ما بعدها وما بعدها اصعب واقسى .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.