صحيفة الكترونية اردنية شاملة

كرسي الطراونة.. قلوب مليانة

0

حالة الغضب والهيجان التي شهدها مجلس النواب يوم الاحد ضد الحكومة ليست نتيجة سوء الإعداد البروتوكولي مع رئيس مجلس النواب م. عاطف الطراونة في مهرجان جرش، بل هي وليدة الاحتقان السائد بين أعضاء السلطتين التشريعية والتنفيذية.
السباب والشتائم التي انهالت من النواب على الوزراء والمسؤولين تحت القبة هي ليست لنصرة كرسي الطراونة في مهرجان جرش، بل هي “قلوب مليانة” على الحكومة التي تعاملت معهم بغير نضج، وكان مسار العلاقة بينهما منذ انعقاد الجلسة الأولى لهذا المجلس في شهر نيسان الماضي، مؤشرا على عدم التوازن.
الحكومة الحالية مثل باقي الحكومات السابقة، بل قد تكون زادت اكثر في تعاطيها الشخصي مع النواب، فسرعان ما كان تتنازل في علاقتها مع المجلس مقابل صفقات من أسفل الطاولة تبرم مع عدد من النواب مقابل تمرير الثقة او جلسات رفع الاسعار او الكهرباء والموازنة وغيرها من الجلسات التي وقف فيها طاقم النسور الحكومي يحصون النواب فردا فردا، من يدعمهم ومن يقف ضدهم، وبناء على تلك المواقف يتم منح الخدمات لمناطق النواب لا بل يتم تلبية طلباتهم ايضا.
الحكومة تلاعبت بالنواب كثيرا وتعاملت معهم بمنطق العصا والجزرة، هذا الامر ادى الى تشويه صورة مجلس النواب لدى الناخبين، حتى وصل الأمر بالشارع للمطالبة بحل المجلس الذي لم يمض من عمره سوى اشهر قليلة.
في المقابل، تعامل النواب مع الحكومة من الزاوية والمنطق ذاتهما اللذان تتعامل الحكومة مع النواب بموجبهما، فهم ينتقدونها على كل صغيرة وكبيرة، ويقولون مالا يفعلون، وينطبق عليهم المثل الشهير “اشبعناهم شتما وفازوا بالابل”، فسرعان ما تتقلب مواقفهم الشعبوية الرافضة للسياسات الحكومية الى مؤيد لها، ما أفقد الشارع الثقة بالخطاب النيابي.
هذه الامور مجتمعة ولدت احتقانات لدى الجانبين سواء الحكومة او النواب، فالحكومة ترى فيهم شكلا من اشكال الابتزاز الشخصي والمنفعي، بينما يرى النواب في الحكومة سلطة ترغب بالاستحواذ عليهم وتتعامل معهم كانهم تابعين لها، والمحصلة أن الاثنين معا لا ينظران لبعضهما البعض نظرة سلبية.
لذلك لخص رئيس مجلس النواب حديثه بالامس عن علاقة الحكومة بالمجلس بانها تشهد اضطرابا واضحا وفيه تعسفا من الحكومة على السلطة التشريعية، وأن الامر لا يقتصر على مقعد رئيس المجلس في جرش، وانما كان مناسبة لجردة حساب، فسرعان ما كشف الطروانة عن ان هناك مسؤولين لا يحضرون جلسات النواب او حتى اللجان دون اعذار، وان هناك ممارسات سلبية يمارسها بعض الوزراء وكبار المسؤولين دون ان تحرك الحكومة ساكنا لتصويب الوضع، وهو أمر فتح شهية النواب، خاصة الذين منحوا الحكومة الثقة الاخيرة، وطالبوا بطرح الثقة بالحكومة، لا بل وصل الأمر إلى الشتم العلني من بعض النواب بحق الوزراء الذين كانوا تحت القبة يتصببون عرقا ولا يعرفون ماذا يقولون أو كيف يردون، فهم غير معتادين على لعب هذا الدور الذي دائما ما يتصدى له الرئيس النسور، وهو امر اذا استمر دون معالجة فإنه ينذر بعلاقة تشابكية مع الحكومة التي لم ترفع حدتها الموازنة او رفع الاسعار والكهرباء، بل رفعها كرسي الطراونة، ما يدل على ان “القلوب مليانة”.
[email protected]
[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.