صحيفة الكترونية اردنية شاملة

ريما خلف: الحقيقة بلا خوف

0

مشرِّف الموقف الذي اتخذه أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون، بعدم قبول استقالة الأمينة التنفيذية لمنظمة “الإسكوا” ريما خلف. وأعمق من ذلك رفضه القاطع تسلم نص الاستقالة مكتوبا؛ في انحياز لعمل مؤسسته، قبل الانحياز لفريقه.
المسؤول الأممي أبى الانصياع للطلب الإسرائيلي بتنحية خلف عن موقعها، متخذا قرارا قطعيا برفض الاستقالة؛ والتي كانت خلف قد بادرت إلى تقديمها، خوفا منها على “الإسكوا” من الوقوع في أزمة تفتعلها إسرائيل.
ريما خلف التي تشغل هذا الموقع منذ أكثر من ثلاثة أعوام، لم تبتعد عن الحقيقة في حديثها عن إسرائيل كدولة محتلة، تهدد أمن المواطن العربي، والأمة العربية بأكملها. فلم تجاف الحقيقة التي تؤكدها كل ممارسات الاحتلال، تجاه الفلسطينيين والعرب، وآخرها استشهاد القاضي الأردني رائد زعيتر على يد الأمن الإسرائيلي على معبر جسر الملك حسين.
ما جاء في تقرير أصدرته “الإسكوا” في شباط (فبراير) الماضي، تحت عنوان “التكامل العربي: سبيلا لنهضة إنسانية”، لا يختلف كثيرا عن نتائج خلص إليها تقرير محكمة العدل الدولية بشأن جدار الفصل العنصري في الضفة الغربية المحتلة، وتقرير القاضي ريتشارد غولدستون بشأن الحرب على غزة العام 2008 / 2009، وذلك من ضمن قرارات أممية كثيرة، لم تر طريقها للتنفيذ بسبب التعنت الإسرائيلي.
هذا الموقف من إسرائيل وسياساتها ليس الأول، كما لن يكون الأخير. وكل ما جاء في التقرير من معلومات تتعلق بدعم الحروب الأهلية في المنطقة، ومفهوم النقاء الديني والعرقي، والتهديد النووي، تؤيده تماماً معطيات قائمة.
التقرير أفرد فصلين للحديث عن إسرائيل. أحدهما هو الفصل السابع الذي يتحدث عن الاعتداءات الخارجية والسياسات الإسرائيلية، ومدى تهديدها للمواطن العربي، المسلم والمسيحي على السواء؛ إلى جانب التطرق لمفهوم النقاء العرقي في مواجهة أتباع الأديان الأخرى.
فيما قدم التقرير في فصله التاسع مجموعة من المقترحات والإجراءات العاجلة للضغط على إسرائيل، لتغيّر سياساتها التي توقِع الضرر بالإقليم، وبالإنسان الفلسطيني على وجه الخصوص كما العربي بشكل عام.
أهم المقترحات تتعلق بحظر التعامل مع المستوطنات ومنتجاتها، من خلال التواصل مع اتحادات إقليمية، مثل الاتحاد الأفريقي، والاتفاق معها على مقاطعة المستوطنات. هذا طبعاً بالإضافة إلى مقاطعتها من قبل الدول الموقعة لاتفاقيات سلام مع إسرائيل، وهي الأردن ومصر، والدول العربية الأخرى التي تتعامل معها عبر قنوات غير معلنة. وكل ذلك بهدف الضغط عليها.
التقرير ذهب أبعد من ذلك، حين طالب لجنة مبادرة السلام العربية باتخاذ خطوات بهذا الخصوص، ووجه المعنيين للتوجه إلى محكمة العدل الدولية لاتخاذ قرار جديد مكمل لقرار سابق، تُحرم إسرائيل بموجبه من استخراج شهادات منشأ لمنتجات المستوطنات.
ما قالته خلف في كلمتها خلال إطلاق التقرير هو قول للحقيقة بلا خوف أو تردد. وما تضمنه التقرير من معلومات مهمة، لا يختلف عن ما هو قائم على الأرض فعلا، فهو ليس إلا نقلا ورصدا لواقع سياسات إسرائيل، التي تسعى إلى تغيير الواقع وفرض آخر جديد. والوقوف في وجه تلك الخطط، واجب على الجميع؛ عربا وقوى دولية ومؤسسات أممية، لوقف نهج دولة الاحتلال، ووضع حد لغطرستها في التعامل مع الإقليم.
الغد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.