صحيفة الكترونية اردنية شاملة

جودة: منطقتنا تقف على مفترق طرق صعب

0

أكد نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين ناصر جودة التزام الأردن الكامل بمواصلة بذل الجهد في سبيل حماية التراث وعلى كافة الصعد بالتعاون مع جميع المعنيين في المجتمع الدولي.

جاء ذلك خلال افتتاح أعمال المؤتمر الإقليمي الوزاري الثاني بعنوان “التراث تحت التهديد”، الذي انطلقت اعماله اليوم الخميس، بحضور سمو الأميرة سمية بنت الحسن نائب رئيس مجلس أمناء متحف الاردن.

وقال جودة خلال المؤتمر الذي تنظمه الوزارة بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار بالشراكة مع منظمة تحالف الآثار ومعهد الشرق الأوسط والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي “إن منطقتنا تقف اليوم على مفترق طرق صعب، جراء ما نراه من تحديات وتهديدات خطيرة لتراثنا الثقافي وإرثنا الحضاري من قبل العابثين، والعصابات الإجرامية والإرهابية، ومن القوى الظلامية التي تحاول زرع بذور الفتنة والكراهية في منطقتنا، والعالم”.

وأكد إن آثار الدول هي جزء من التراث الإنساني العالمي، وبما يجعل مسؤولية حمايته جماعية وبما يضمن الحفاظ عليه للأجيال القادمة، وان تحديات هذا المجال تتطلب تضافر الجهود الإقليمية والدولية في مواجهة سرقة التراث والعبث به وتدميره، الذي يؤدي لمحو التاريخ الذي بات جزءا من الدعاية التي تستخدمها المنظمات الإرهابية التي لا دين لها.

وأشار جودة إلى ان المملكة بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني لعبت دوراً رئيساً في المحافظة على التراث والإرث الحضاري، كدور الوصاية الهاشمية على مدينة القدس التاريخية في الحفاظ على تراث المدينة العربي وعلى الأوقاف والمقدسات الإسلامية والمسيحية.

وأوضح ان دور الأردن الهام كعضو غير دائم في مجلس الأمن في الدفع قدماً باتجاه تبني قرار مجلس الأمن رقم 2199 الذي يدين تدمير وسرقة التراث الثقافي، ويتبنى إجراءات حازمة لمحاربة السرقة غير المشروعة للقطع الأثرية والثقافية من العراق وسوريا، ودعوة جميع الدول لتأكيد التزامها لتطبيق قرار مجلس الأمن وما يرتبط به.

وأضاف ان الأردن ساهم في وضع مسألة “تدمير وتهريب وسرقة التراث الثقافي” على أجندة مجلس الأمن، وذلك من خلال الاجتماع الذي نظمه الأردن بشكلٍ مشترك مع فرنسا في مجلس الأمن في شهر نيسان من العام الماضي، ويعد الأول من نوعه.

وأشار إلى ان الأردن واصل اهتمامه بهذه المسألة، والذي أبداه خلال عملية التفاوض التي سبقت تبني القرار 2253 (2015) حول تمويل التنظيمات الإرهابية وتهديدها الأمن والسلم الدوليين، ودعمه للفقرات ذات الصلة بالموضوع في القرار، والتي جاءت لتؤكد على نصوص القرار 2199، منوهاً إلى ان الأردن لم يكتف ببذل الجهود ضمن أروقة مجلس الأمن وحسب، بل امتدت على إطار أوسع يغطي الجمعية الجامعة وأعضائها في الأمم المتحدة.

وأوضح جودة ان مؤتمر عمّان يأتي استكمالاً لمخرجات مؤتمر القاهرة العام الماضي، ويهدف إلى البناء على ما تم التوافق عليه عبر إطلاق آليات التنسيق المشترك المتوافق عليها والمتمثلة بفريق العمل العربي المعني بمكافحة نهب التراث، وترجمة الأفكار والمبادئ المتوافق عليها إلى خطة عمل لتعزيز التعاون بين دول المنطقة ورفع سوية التنسيق المشترك عبر إنشاء آليات لتبادل المعلومات وبناء القدرات وتثقيف سلطات إنفاذ القانون المحلي، وإطلاق حملات توعية عامة وخلق فرص عمل ريادية في محيط المواقع الأثرية، وعقد اتفاقيات جماعية بين دول المصدر ودول الطلب بهدف الحد من الاتجار غير المشروع وتهريب الآثار.

وأعرب عن تطلعاته وفق ما جاء في إعلان عمان 2016 حول “حماية التراث تحت التهديد” إلى إيقاف الخارجين على القانون ووقف المعتدين على التراث الإنساني من شراء الآثار التي سلبت ونهبت من دماء الأبرياء والمحافظين عليها، أملاً أن يخرج المؤتمر بتوصيات تشكل نقطة انطلاق لجهود تتسم بالاستمرارية وتهدف إلى إدامة العناية بالتراث الإنساني في منطقتنا والعالم.

بدورها أكد وزير السياحة والآثار لينا عناب، “اهتمام والالتزام ودعم الأردن للجهود والسبل كافة التي من شأنها حماية التراث الإنساني من النهب والدمار”.

وقالت “إن تنامي مشكلة النهب وتدمير التراث والاتجار غير الشرعي في القطع الاثرية أصبحت في تزايد كبير خلال السنوات السابقة، على الرغم من وجود كثير من الضوابط والتشريعات القانونية التي اتخذتها الدول للحد من هذه الظاهرة (المقلقة) بحسب وصفها”، داعية للعمل على تغيير الاتجاهات ونشر الفكر التوعوي بأهمية هذه المقدرات على جميع الأصعدة والمستويات الفكرية، للقضاء على هذه الظاهرة كما أسمتها.

وتطرقت عناب في حديثها، إلى تجربة الأردن في حماية مختلف المقدرات الحضارية من خلال سن القوانين والتشريعات الوطنية والضوابط والتعاون الدولي، منوهة إلى أن أول قانون للآثار في الأردن صدر عام 1934، مشيرة إلى أنه خلال السنوات الخمس الأخيرة زاد حجم القضايا حيثُ بلغت 228 قضية.

كما دعت الى الاستمرار في تعزيز ما هو قائم من تشريعات وآليات لحماية المقتنيات الثقافية من الخطر من خلال تفعيل التشريعات القانونية بين الدول الأعضاء في اتفاقية اليونسكو والوصول إلى تشريعات موحدة لحماية الممتلكات الثقافية، وزيادة الرقابة للحد من السرقة.

وطالبت بإنشاء قواعد بيانات موحدة للقطع المضبوطة وتزويد اليونسكو والشرطة الدولية بنسخة عنها، والعمل على تحديثها بشكل مستمر، إضافة إلى نشر الفكر التوعوي بين جميع الأفراد وعلى جميع المستويات من خلال عقد ورشات ومؤتمرات وندوات ومحاضرات متخصصة بحماية التراث الثقافي، فضلاً عن تعزيز قدرة العاملين في دوائر الآثار والمؤسسات الفنية والدينية والعاملين في المطارات والمعابر.

من جهتها ثمنت رئيسة منظمة التحالف للآثار ديبرا ليهر، الجهود الأردنية في التنظيم لهذا الحدث الهام والهادف إلى رفع مستوى الوعي في مجال حماية التراث والممتلكات، مشيرة إلى ان حماية الثقافة تعد حماية الانسان وحماية طرق حياته وزيادة الروابط المجتمعية.

من جانبها أشارت رئيسة معهد الشرق الأوسط ويندي تشامبلرين إلى ان الحضور الكبير للمؤتمر يظهر التزام الجميع في مجال حماية التراث والثقافة والممتلكات لا سيما في منطقة الشرق الأوسط.

فيما قدم مندوب عن جمهورية مصر العربية الدكتور محمود عفيفي لمحة عن مؤتمر القاهرة الدولي بعنوان “الممتلكات الثقافية تحدت التهديد”، وأبرز توصيات المؤتمر.

وأضاف عفيفي ان توصيات القاهرة تضمنت تأسيس لجنة استشارية دولية لتقديم النصح والمشورة والدعم لمجموعة العمل المعنية بسبل مكافحة النهب الثقافي، وإطلاق حملة توعوية بالدول التي يزداد فيها الطلب على شراء الممتلكات الثقافية المنهوبة للحد من ذلك، إضافة إلى النظر إلى إمكانية بدء مفاوضات لإعداد “مذكرة تفاهم ثقافية إقليمية”، تهدف إلى حظر التعامل مع المواد الثقافية المنهوبة بالتعاون مع الشركاء الدوليين.

وأشار إلى أن توصيات القاهرة أكدت زيادة حملات التوعية الهادفة لحماية الممتلكات الثقافية ضد عمليات الحفر والتنقيب غير القانونية، أو تهريبها أو المتاجرة فيها، مع فرض عقوبات أكثر صرامة على ممارسيها، فضلاً عن بحث إنشاء وكالة مستقلة لمحاربة عمليات “غسيل الآثار” من خلال تقديم الشهادات المزورة بالتعاون مع الوكالات الدولية المختصة للمساعدة في تتبعها ووقف الاتجار فيها، وإبرام اتفاقية تعاون مشترك بين مصر والأردن في مجال الآثار والممتلكات الثقافية.

ويتضمن المؤتمر جلسة وزارية يشارك بها وزراء بهدف تبادل وجهات النظر حول التحديات التي تواجه التراث الثقافي في دول المنطقة، والخطوات التي اتخذتها الحكومات لمواجهتها، مع التركيز على التطورات منذ إعلان القاهرة 2015، وتسليط الضوء على مجالات التنسيق وفرص الدعم الإضافي.

كما يتضمن اجتماعاً لفريق العمل المعني بالمؤتمر على جلستين، تتمحور الأولى حول تبادل المعلومات، وبناء القدرات، وتعزيز سيادة القانون، فيما تتناول الأخيرة اتفاقيات التراث الثقافي الثنائية/ الإقليمية، وتعزيز التعاون في سوق الفن التراثي، وحملات التوعية المحلية والدولية، فضلاً عن الإعلان الختامي للمؤتمر.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.