صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الهذا الحد نكره بعضنا..؟!

0

لا يمكن لاحد منا ان يتعاطف مع التطرف واصحابه ، او ان يهون من بشاعته حين يتحول الى عنف او ارهاب ، لكن معلقات الرفض والادانة لا تكفي لحل المشكلة ولا تمنع الكثيرين ممن تورطوا في هذه المحنة او ظنوا بانها اقرب طريق الى (الجنة) من الاستمرار في ارتكاب مزيد من القتل والترويع كما ان مواجهة التطرف بالتطرف او العنف العنف انتهت – كما نرى – الى تصاعد النزيف وتناسل الاحقاد وانسداد ابواب الفرج، فيما ظل سؤال العمل معلقا لا يجرؤ احد على الاجابة عليه!

وحسبنا ان نجتهد فنقول: ان العنف الذي تشهده بلادنا العربية والاسلامية (دعك من المقاومة التي هي حق مشروع ضد الاحتلال والعدوان) دخل من بوابة (السياسة) قبل ان يدخل من بوابة (الدين) ولا اقصد – هنا – مسألة التكفير السياسي وفتاوى الاخراج من الملة الوطنية التي سبقت فتاوى التكفير الديني واصدار احكام الطرد من الاسلام فقط وانما بوابة السياسة التي تعاملت مع الذات والاخر بمعيارين متناقضين، احدهما معيار التشدد والعنف واللاتسامح والقمع والحرمان من حقوق التعبير والمشاركة الذي انحازت اليه بعض الحكومات في تعاملها مع (رعاياها) – لكي لا نقول مواطنيها – بحيث قوبل اضطرارهم الى الصبر والتحمل وانتظار الحلول الديمقراطية بمزيد من التضييق وبناء السجون والاستبداد وتمييع العدالة.. والاخر معيار السماحة والكرم والعفو وحسن النوايا الذي اتسمت به علاقتها مع الاخر لدرجة تقديم مصالحه على مصالح شعوبها، والتوسل لارضاء مطالبه على حساب كل ما ترفعه من شعارات وما تنادي به من ثوابت.

ولو قدر لنا ن نتأمل في مشهد التطرف والعنف الذي تشهده بلادنا وان نقارنه بما تشهده دول اخرى – خذ مثلا اسرائيل او امريكا او حتى جنوب افريقيا – لانتهينا الى نتيجة مختلفة وهي ان المتشدد الاسرائيلي او الامريكي لا يفكر – الا نادرا – في ممارسة العنف ضد مواطن يشاركه المواطنة من ذات اصله وهويته.. فيما يمكن للمسلم ان كان متطرفا ان يستهدف اخاه ولكن على مهاد سياسي يكون فيه (الاخر) امريكيا او اسرائيليا حاضرا ومحرضا. والسؤال هل يكره المسلم اخاه الى هذه الدرجة فيما لا يبادل الاخرون اخوانهم ذات الكراهية.. ام ان ثمة سببا اخر يدفعه الى الانتقام بحيث لا يستثني من (فعلته) احدا؟ وهنا تبدو الاجابة في خلفية مشهد العنف الذي نشكو منه اذ يبدو متصلا – بشكل او باخر – مع الذات والاخر، وهي علاقة ما تزال ملتبسة وغير مفهومه.

وبمعنى اخر فان مصدره اصبح واضحا وهو غياب الحرية والديمقراطية التي افرزت غياب العدالة والقرار المستقل والندية في التعامل مع الاخر والشعور بسيادة الذات واستقرار المجال الاجتماعي وتشجيع (التدين) الصحيح بدل اقصائه ومحاولة حذفه والاجهاز على دعاته المعتدلين.. وهي ثقافة متعمقة في ثقافتنا الممارسة رغم انها طارئة على (نصوصها) ومبادئها المعلنة.

اعرف ان كثيرين من دعاة الحلول الامنية والعسكرية لن يعجبهم هذا الطرح لكن شعورنا بفداحة (الكارثة) وامتداد الظاهرة، وحرصنا على امن مجتمعاتنا من العبث والقتل والترويع تدفعنا للحديث بصراحة، فقد علمتنا تجارب الاخرين ان اقصر طريق الى (جنة) الاوطان تمر عبر (الحوار) والتفاهم والصراحة.. وان اجتثاث الاسباب وتحويط المبررات هما السبيلان لتفادي انتشار النيران ومنع هذا (السرطان) الجديد من الوصول الى ما تبقى من دماء نظيفة. صلوا – معي – من اجل المصالحة وعودة الديمقراطية الغائبة وثقافة الحب التي درستها رياح القسوة والكراهية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.