صحيفة الكترونية اردنية شاملة

طريقة خروج غير لائقة

0

بعد الموافقة الشعبية الكبيرة على الدستور المصرى فى منتصف يناير الماضى ذهب الدكتور حازم الببلاوى إلى رئاسة الجمهورية والتقى بالمستشار عدلى منصور وقدم إليه التهنئة بالدستور، وقال له إن مهمته تكللت بإنجاز دستور الثورة وطلب من الرئيس قبول استقالته.
المستشار منصور أشاد بالببلاوى وحكومته وقدر الظروف الصعبة التى عملت فيها وطلب منه الاستمرار فى المنصب.
يوم السبت الماضى التقى الاثنان مجددا وكانت التلميحات هى ضرورة أن تقدم الحكومة استقالتها بالكامل.
قبل هذه المفأجاة كان الاتفاق هو إجراء تعديل وزارى اختلف كثيرون فى حجمه وإن كان بعضهم أكد أنه سيكون محدودا ولن يتجاوز ثمانية حقائب فى أقصى تقدير.
السؤال هو: ما الذى تغير فى الفترة ما بعد إنجاز الدستور وحتى قبول استقالة الدكتور الببلاوى وحكومته؟.
المؤكد أن هناك تغيرات كثيرة حدثت أهمها ارتفاع معدل الإضرابات العمالية والفئوية والاجتماعية والنقابية، إضافة إلى تزايد معدلات الإرهاب.
والمؤكد أنه ربما كانت هناك رؤية تقول إنه صار مطلوبا وجه جديد يتماشى مع مرحلة ترشح المشير السيسى لرئاسة الجمهورية.
والأكثر تأكيدا أن من حق رئاسة الجمهورية وأهل الحكم أن يقوموا بتغيير الحكومة ورئيسها.. ويعلنوا سبب ذلك للشعب، لكن الخلاف فقط هو الطريقة التى تم بها الأمر، وتركت جروحا وندوبا كثيرة فى نفوس البعض.
المعلومات السابقة ليست تخمينا من وحى خيالى لكننى سمعتها بنفسى من أحد الوزراء الذين خرجوا، وأظنها إذا ثبت صحتها ستكون مؤشرا سيئا للغاية على طريقة التصرف فى المستقبل.
لنتفق أو نختلف مع أداء حكومة الدكتور الببلاوى، فالبعض يراها حققت معجزات والبعض يراها عنوانا ضخما للفشل الكبير.
لكن ما ينبغى علينا أن نتفق عليه وألا ننساه أبدا أن هذه الحكومة قبلت أن تتولى المسئولية فى واحدة من أصعب الفترات التى مرت بها مصر منذ عشرات السنين.
البلد كانت فى حالة يرثى لها، ومعظم مؤسساتها مفككة، ومجتمعها نفسه منقسم حتى داخل البيت الواحد، وهناك حصار دولى وإقليمى غير مسبوق باستثناء ثلاث دول خليجية، ودول الجوار لم تكن سعيدة بثورة 30 يونية، والحالة الاقتصادية مشلولة، والمطالب الشعبية فى أوجها.
تقاعس كثيرون عن التقدم للعمل، وتحمل الببلاوى وزملاؤه هذه المهمة، واتخذوا قرارا خطيرا بفض اعتصام رابعة والنهضة بالقوة بعد نقاشات مطولة أدت لاستقالة الدكتور محمد البرادعى، ثم تحملت هذه الحكومة أيضا مهمة التصدى للمظاهرات اليومية وأعمال الشغب والعنف التى تحولت لاحقا إلى عمليات إرهابية عبثية.
مرة أخرى من حق الجميع أن يختلفوا بشأن أداء حكومة الببلاوى، لكن عليهم ألا ينكروا دورها التاريخى فى أنها الحكومة التى منعت انهيار مصر وتفككها كما كان يراد لها من كثيرين فى الداخل والخارج.
كان أسهل قرار يتخذه الببلاوى وزملاؤه ألا يقبلوا المهمة من البداية، أو يهربوا منها عندما اكتشفوا أنها ثقيلة، لكنهم لم يفعلوا. وبالتالى فليس أكثر من أن يكون خروجهم بطريقة كريمة لا تليق فقط بصعوبة المهمة، ولكن بتأسيس علاقات عمل مهنية راقية.
ولم يكن مطلوبا أكثر من إخراج المشهد بصورة تليق بما أدته هذه الحكومة للوطن بأكمله.
إذا صحت المعلومات بأن الحكومة المستقيلة جرى التعامل معها بطريقة غير لائقة، لوجب الاعتذار لها وتكريمها حتى لا تكون سابقة ستتكرر مع كل الحكومات القادمة.

بوابة الشروق

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.