صحيفة الكترونية اردنية شاملة

احترنـــا بصــــراحة‏!‏

0

ويظل اجتثاث جذور التناقض مقصدي ما دمت مؤمنا إيمانا مطلقا بأن شيطان التناقض هو الوجه القبيح الوحيد الذي يطل دائما من وراء كل مشاهد المعاناة التي يتحملها هذا الشعب منذ زمن‏,‏ وهو الشعب حديث العهد بتحمل المسئولية في مواجهة واقع أليم غريب علينا

ألم بنا منذ ثلاث سنوات; نتجرع سكراته تباعا, فكلما ارتشفنا رشفة ظنا منا أننا علي طريق الإفاقة, تجدنا لا نجني حقيقة في كل مرة سوي المزيد من السكرات!
أبدأ بسؤال أري في حتمية الإجابة عليه( بصدق وشفافية) واحدا من أهم ثلاثة مفاتيح سحرية لحل كل الأزمات التي تعيشها مصر حاليا, وسؤالي هو: إلي أي نوع تنتمي ثورة25 يناير, فهل كانت ثورة شعبية صادقة ضد الفساد والطغيان; أم أنها كانت مؤامرة علي مصر من قبل قوي دولية وإقليمية بمعاونة ثلة من خونة وعملاء في الداخل والخارج؟ أم تري العقل الجمعي المصري ــ الذي تربي وترعرع علي التناقض منذ الأزل ــ يري فيها الاثنين معا: ثورة شعبية( عظيمة), و مؤامرة خسيسة في نفس الوقت؟ نحتفل رسميا وشعبيا بثورة شبابية يافعة ذات مطالب بريئة نادت بالعيش والحرية والكرامة الإنسانية, ودفعت من أجلها الزهور عمرها فداء للوطن الحبيب; بينما جميع التلميحات والتسريبات الإعلامية والأبواق( شبه الرسمية) والأقلام توحي إلينا علي مدار اليوم الواحد برائحة خيانة تفوح من جميع جنبات هذه الثورة; وطابور خامس تلقي التدريبات والتمويل تحت غطاءات استخباراتية عالمية ذات أطماع استعمارية استهدفت تفتيت الأوطان الشرق أوسطية في إطار مشروع أمريكي نجس كبير, رأي في الإخوان المسلمين خير فصيل علي الأرض لتنفيذ مخططه الفوضوي التدميري الهادف إلي التقسيم الجغرافي والشتات الإسلامي العربي لصالح إسرائيل!
فإلي أي نوع تنتمي هذه الثورة تحديدا بصراحة؟ سؤال ملح أعتقد أنه يحتاج إلي كشف الغطاء عن إجابته فورا!
ثم أسأل: من ذا الذي قتل الثوار إبان ثورة25 يناير تحديدا؟ هل هم رجالات مبارك وقناصة العادلي؟ أم تراهم قناصة الإخوان و حماس و حزب الله؟( احترنا بصراحة)!
فإذا كان مبارك يقف وراء هذا المشهد الدموي, فلماذا لم يدن والعادلي؟ فإذا كانوا الإخوان, فلماذا لا يزال العداء تجاه مبارك والعادلي قائما؟ بل ولماذا لم يتم تكريمهما والاعتذار لهما عن كل هذه( البهدلة)؟ فإذا لم يكونوا هم الإخوان, فلما اتهامهم الدائم بالعمالة؟ وفي هذه الحالة, من تراهم يكونون القتلة؟ أم تري العقل الجمعي المصري ــ الذي تربي وترعرع علي التناقض منذ الأزل ــ قد استراح من التفكير بأن جعل القتلة هم الاثنين معا: نظام مبارك و جماعة الإخوان؟( أي كلام)!
أما الأخطر من هذا و ذاك فهو ما أشتم رائحته منذ فترة ليست بقصيرة من( تنازع خفي) و تلاسن بين أبطال الثورتين; فهؤلاء يرون أن ثورة25 يناير هي الأصل والمنبت الذي تفرعت منه كل الأحلام والطموحات, و(سنابل الخير) التي تستعد البلاد لجنيها علي طريق الحرية والديمقراطية والعدل; وهؤلاء يرون أن ثورة30 يونيو هي الثورة الوطنية الفعلية الصادقة غير الملوثة بدنس العمالة والخيانة! ومن ثم, فبأي من الثورتين نحتفل( نحن) و نفخر؟( احترنا بصراحة)!
السؤال الثالث: من الذي فاز( بصراحة) في الانتخابات الرئاسية الماضية؟ هل هو الدكتور مرسي أم الفريق شفيق؟ فإذا كان الدكتور مرسي هو الذي فاز فعلا, فما حقيقة المليوني صوت التي تم تزويرها بالمطابع الأميرية وحكاية الأقلام ذات الحبر السحري؟ ثم ما حدود سلطان الاختراق الأمريكي الإخواني لمصر إذن لبلوغ هذا الفوز قياسا بحجم النفور الشعبي من مرسي وجماعته منذ تاريخ إعلان فوزه وحتي تاريخه؟
فإذا كان الفائز الفعلي هو الفريق شفيق, فما موقع( الشرعية) التي ينادي بها الإخوان في الميادين من الإعراب حينئذ؟ ثم من تراه المسئول عن هذا التلاعب الخطير بمقدرات الشعب المصري في نتائج تلك الانتخابات؟ ولماذا لا يتم الإعلان عن ذلك صراحة و محاسبة المسئول عن ذلك فورا, من بعد أن وضعنا جميعا في هذا المأزق الخطير؟
.. إن السكوت علي التناقضات وغض الطرف عنها, اعتقادا بأن الألغاز ستحل بعضها بعضا مع مرور الوقت, هو رهان خاسر لا محالة, خاصة إذا ما تعلق الأمر بالشعوب; ذلك لأن الشعوب عقولها شتي و مستويات ذكائها شديدة التفاوت, فما بالك لو كانت الأمية هي القاعدة, وكان التعليم الحقيقي( المؤدي إلي تنمية القدرة علي الربط بين الأشياء) هو منتهي الاستثناء؟

الاهرام

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.